أدب وفن
عاد هابيلُ يرعى الدّمَ بيننا…بقلم الدكتور باسل بديع الزين

عاد هابيلُ يرعى الدّمَ بيننا ويقولُ: « لو لم أُرْدِ قابيلَ لماتَ مُنْتَحِرًا »
أينَ إخوتُكَ أيُّها الموتُ؟ وكيفَ انجلى سرُّك؟
يروي آدم: « وُلِدْتُ مُبَشِّرًا، وشَهِدْتُ عذاباتِ الوَحدَةِ، وفيضَ الابتداءِ الصّرفِ،
أوّلُ العابرينَ أنا، عرّافُ الجهاتِ البِكرِ، لم أَخرُجْ من رَحَمٍ لأستدلَّ على نُقصاني،
بهيٌّ كهذا التّيهِ، أُمْعِنُ في الارتجالِ،
ما الوقتُ؟ أرجوحةٌ للزوالِ
ما الأيّامُ؟ فارِقٌ طفيفٌ في المعنى
ما الغدُ؟ سؤالٌ يكشفُ عن سَوْأتِه أو إجابةٌ تقعدُ القرفصاءَ كنقطةٍ مذهولةٍ أسفلَ علامةِ الاستفهام
ما الكينونةُ؟ شجرٌ كئيبٌ ينمو في غابةِ السَّأم
ما الموتُ؟ سُحنةٌ هجينةٌ ما تكشَّفَتْ بعدُ،
فطوبى لك بنيَّ يومَ أَرقْتَ دَمَ أخيكَ وافتتحتَ سفرَ الزّوال»
أين إخوتُكَ أيّها الموتُ؟ ردّدَ هابيلُ
- أتاهُ الصّوتُ قريبًا بعيدًا –
أَخٌ يعزِفُ عنك،
امرأةٌ في ثوبِ القيامةِ
ضوءٌ رديفٌ في عَتَماتِ الوحدةِ
نورسُ أحزانِك يحطّ فوقَ غصنِ ماءٍ، ويبني عُشًّا من زبد،
كذا أنت، موتٌ مكرورٌ، التماسٌ ضالٌ لأناك في مرايا العابرين
قمْ … حدِّقْ … والبسَ ما حاكتهُ لكَ الوحدةُ من بُرَدٍ
« حتّى تُحاكَ لك الاُخرى من البُرَدِ»