أدب وفن

قراءة الكاتبة السورية روزيت عفيف حداد في كتاب “كسرة خبز” للكاتب المغربي حسن ابراهيمي


سرق (جان فالجان) رغيف خبز فخسر حياته، كيف يكون الحال مع من سرق وطنا؟ مع من سرق الخبز وترك كسرة منه لأبناء الوطن؟ مع من سرق المدن الجائعة التي اعتنقت العقم رحمة للأبناء ورحمة لترابها الذي وصل حدّ الإشباع وما عاد قادراً على امتصاص مزيد من دمائهم الطّاهرة. ( في شوارع الرّصاص انتحرت الأرض رفضاً لإنجاب مدن جديدة للعدوّ)، ومن بقي منهم تسلّط عليه إبليس ليرغمه على السّجود له (ص.16). بين السّر والعلن ورغم المعاناة هناك مساحة للحبّ الّذي هو الحياة والّذي هو النّسغ الضّروريّ لاستمرار النّضال. لكنّ الزّمان مثل قطار زاغ عن السّكة وجمح ليدهس أحلام النّاس (ص.36)، والموت الحاضر دائماً، السّريع جدّاً، أسرع من نفخ ريح نحبسها في فمنا لننفخها على القهوة السّاخنة (ص.42)، نشتعل بدون وقود (كأنّ أجسادنا حطب أمّمته النّار) ونصبح هشيما، بدون حياة.
غير أن السّؤال لم ينته بعد ( ص.43) والكاتب يؤكّد أنّ الأمور لا تنضج إذا لم يعمل الجميع يداً واحدة على تقدّم الأمّة الذي لن يكتمل إذا لم تشارك النّساء فيه ( ص.45) حتّى نصل للشّمس، لنحرّر صباحاً قيّدته الليالي بأغلال الظلام (ص.58). والحرّيّة تكون بالعمل، وليس بأقوال الفقهاء (ص.67)، لأنّ التّاريخ لا يقبل العلاج بأنصاف الحلول. ببهو الولع بالحرّيّة أعتق منفاي (ص.78).
شذرات يتقاذفها الموج داخل النّفس البشريّة التّواقة للحرّيّة وللشّمس المشرقة، النّفس الباحثة عن الإنسان الكريم والبعيد عن الزّيف، عن التّرغيب والتّرهيب، الإنسان الذي تُحترم إنسانيّته وأفكاره.
شذرات، ثنائيّات بين الماء والشّمس ( النّور، الحريّة)، الحياة والموت، الشّبع والجوع، العطاء والأخذ….الذين هم أساس الحياة، الطّاقات المخزنة وتلك التي يحتاجها الإنسان، النّسمة المحرّكة لكل ما هو جميل، لا فرق بين ذكر وأنثى، الجميع مسؤول أمام الوطن كما أنّ الوطن مسؤوليّة الجميع.
شذرات وجدانيّة إنسانيّة، كُتبت بكلمات منتقاة بعناية لتعبّر عمّا تختلج به نفس الكاتب وروحه الوطنيّة العالية التّواقة للحريّة الكاملة في وطن يحتضن الجميع.

روزيت عفيف حداد/ كاتبة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى