مقالات واقوال مترجمة
أغنية الدم …/الشاعر الفرنسي جاك بريفير/* ترجمة عبد القادر وساط
أغنية الدم
- للشاعر الفرنسي جاك بريڤير
** ترجمة: عبد القادر وساط
ثمة برَكٌ كبيرة من الدم على الأرض
أين يمضي ، يا تُرى، كلُّ هذا الدم المسفوح؟
هل تشربه الأرض وتَسكرُ به؟
إنه سكر شديد الغرابة، إذن!
كلا، فهذه الأرض الهادئة الحكيمة، هذه الأرض الرتيبة لا تسكر
إنها تواصل دورانَها دون انحراف
وبانتظام تَدفع عربتَها الصغيرة، بفصولها الأربعة
المطر…الثلج…
البرَد… الصحو…
كلا، فالأرض لم تسكر قط
كل ما تبيحه لنفسها هو إيقاظ بركان صغير، بين حين وآخر.
إنها تدور هذه الأرض
تدور بأشجارها…بحدائقها…بمنازلها…
تدور ببرَكها المليئة بالدم
وكل الأشياء الحية تدور معها وهي تنزف دما
لكنها لا تكترث لشيء
هي تدور وكل الأشياء الحية تصرخ
بَيد أنها لا تلقي بالا لذلك
إنها تدور
ولا تتوقف عن الدوران
والدم لا يتوقف عن السيلان…
أين يمضي يا تُرى كل هذا الدم المسفوح؟
دم جرائم القتل…دم الحروب…
دم البائسين…
دم الذين يُعَذَّبون في السجون
دم الأطفال الذين ينكل بهم آباؤهم وأمهاتهم بمزاج رائق…
دم الذين تنزف رؤوسهم في زنزانات المجانين….
دمُ عامل البناء
عندما يتردى عامل البناء من السقف
الدم الذي يسيل بغزارة كبيرة
مع قدوم الوليد الجديد:
الأم تطلق صرخة…الطفل يبكي…
والدم يسيل… والأرض تدور
الأرض لا تتوقف عن الدوران
والدم لا يتوقف عن السيلان
أين يمضي، يا تُرى، كل هذا الدم المسفوح؟
دم الذين تهوي على رؤوسهم الهراوات…دم المستضعفين…
دم المنتحرين…دم المقتولين برصاص البنادق…
دم المحكوم عليهم بالإعدام…
دم الذين يموتون هكذا عرضا في حادثة سير:
في الشارع يمشي إنسان حي
وكل دمه داخل جسده
ثم ها هو قد مات
ودمه قد صار خارج الجسد
وهاهم الأحياء الآخرون يعملون على إزالة كل أثر للدم
بعد حَمل الجسد الممدد
لكن الدم عنيد
ففي المكان الذي كان فيه الميت، وبعد مرور وقت طويل، يبقى قليل من ذلك الدم، بلونه الأسود
هو دم متخثر
هو صدأ الحياة، صدأ الأجساد
هو دم متخثر مثل الحليب، عندما يصير الحليب حامضا (فيقال إنه قد دار*)
مثل الأرض التي تدور
بحليبها…بأبقارها…
بأحيائها…بأمواتها…
مثل الأرض التي تدور بأشجارها…
بأحيائها…بمنازلها…
بحفلات زفافها…
بجنائزها…
بفيالقها…
الأرض التي تدور وتدور…….بمجاري الدم الكبيرة
- le lait qui tourne
لم يكن هناك بد من ( التحايل) على هذه العبارة الفرنسية من أجل تقريب المعنى الذي يقصده الشاعر.