أدب وفن

إلى الشاعرسعيد عقل، في الذكرى الخامسة لرحيله بقلم د. محمد توفيق أبو علي

لدكتور توفيق أبو علي (امين عام اتحاد الكتاب اللبنانيين)

إلى الشاعرسعيد عقل، في الذكرى الخامسة لرحيله.
(توضيح لا بدّ منه:
إنّ في كيان الأستاذ سعيد شخصيّتين: شخصيّة الشاعر، وشخصيّة السياسيّ؛ وهما في كثير من الأحيان في صراع وعداء؛ وأنابلا ريب منحاز إلى الشاعر.
والشاعر الذي انحزت إليه، وأهديته قصيدتي، هو من نهل من ينابيع التراث العربي، فاغتنى بالضاد، وأغناها بنصوص فاتنة، عبّرت في مدلولاتها، عن أبهى الرموز التي تجسّد نضارة الوجدان العربيّ؛ ولذلك، فقد ركّزت في نصّي على هذا البعد، من خلال جعل”الضّاد” الكلمة المفتاح في القصيدة، برمّتها) :

وزحلةُ الشعرٍ…قالت إنّه نَسَبي
ورِنْدَلى قد غدتْ أمّي …بلى وأبي
جذْلى ترنّحُ نجوانا على حلُمٍ
جدْبِ ضريرٍ غدا مخْضوضَرَ الهُدُب
والشعرُيشهد أنّ الآلَ أتعبهُ
وخطوُك الغيثُ هطّالٌ بلا تعب
قد أمْرعَ الوقْعُ فيه فانتشى ثملاً:
يابيدُ هاكي صدايَ الماءَ لِلْعُشُب
ويا حداةُ صهيلُ الجمرِ واحتُنا
فارْووا المجامرَ واسْقوا جذوة اللّهب
قالوا القصيدةُ أضحى نبضُها هرِمًا
والشعرُ أقفر مٍن روّاده النُّجُب
قلنا القرائحُ أمطارٌ وهاطلُها
تَوْقُ الحنين إلى شُمّ العلا الخَصِب
وزحلةٌ عبقرُ النَّجوى،وشاعرُها
بشْراكَ ياشعرُ في يوم الوغى اللّجِب
قَرُّ العواصفِ عرّى وُرْقَ دَوْحتِنا
مِنَ الهديلِ، وضاع الصوتُ في الكثُب
شاختْ مطارفُ للعزّ التليد فقُمْ
يا شعرُ واكْسُ المنى من برْدِهِ القُشُب
فوْدا الزمان على الأرزاء قد هرِما
وفَوْدُهُ الصبحُ لم يهرمْ ولم يشِب
ويا بلادي ضِرام الشعر متّقدٌ
نارُالقِرى زحلةٌ في يومه السّغِب
فأقرئي الدهر بعضًا من قصائده
كي ينطق الدهر شعرًا في مدى الحقب
من أيقظ الحرف من بكماء غفوته؟
من أشعل الشعر وضّاءً على النُّوب؟
من أثملَ الحسّ بالأطياف عندلةً
فباحتِ الكأسُ بالأسرار للحَبَب؟
من باح للكون بالأسرار تكتمها
قصيدةٌ خُبّئتْ في سِدرة الحُجُب؟
من أسرجَ النُّورَبعضًا من أعنّته
فأشرقت في لظاها جمرةُ الشهب؟
لم يبقَ مِن حطب الأشجار ذو يبسٍ
حتّى اكتوتْ بالأسى حمّالةُ الحطب
يداكَ أمْرَعَتا، فالغصنُ ذاكرةٌ
للخصبِ، والشعرُ روحٌ سالَ في الخَشب
الشاعرُ الحلْمُ وعْدٌ في قصائدنا
مِلْحُ الكلامِ ،عروسُ الشعرِ والأدب
الشاعر الحلم جنْيٌ في مواسمنا
تَطْوافةُ الريحِ بين البُسْرِ والرُّطب
ماهَمَّ إن خصُبَتْ أوأجدبتْ بِيَدٌ
فَهْو الكوارةُ في خصبٍ وفي جدَب
يا ديمة الشعر،يا غيث القريض ألا
رفقًا بضادٍ ذوتْ من عُجْمَةِ العرب
معراجنا في زمان الجدب أغنيةٌ
إليك ترنو، فَيَهْمِي مِحْجَرُ السُّحُب
سعيدُ عقلٍ…كفى بالشعر مفخرةً
يُمناك خطّتْ له تعويذةَ الكُرَب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى