أدب وفن

لا أستطيع حتى اللحظة إخفاء الصدمة/ رأي/ الشاعر أنور الخطيب

لا أستطيع حتى اللحظة إخفاء الصدمة التي داهمتني على أثر إعلان اسم الفائز بمسابقة أمير الشعراء، مع احترامنا له، ولم يستطع الشعراء الخمسة إخفاء خيبة الأمل جراء اختيار الفائز الأول، ليس لأنهم لم يفوزوا، بل لأنهم لمسوا، كما لمست جماهير المسابقة، كيف أن الشاعر الأقل حظاً بحصوله على درجات لجنة التحكيم، كان الأكثر حظاً في درجات الجمهور.
والجمهور الذي فاز على لجنة التحكيم بالضربة القاضية، هو جمهور يمل٠ك المال والبطاقات الائتمانية والبنية التحتية الإلكترونية، استطاع شراء آلاف الأصوات، وأن يحصل على 10%، فقانون المسابقة (إشتر 500 صوتاً واحصل على 10% خصما، أي أن ثرياً واحداً قريباً للشاعر أو مسؤولا عنه أو يشجعه لأكثر من سبب يستطيع التأثير على النتيجة. والنتيجة كانت كما أُعلِنَتْ..
أنا لا أستطيع التطاول على لجنة تحكيم مسابقة أمير الشعراء، الدكتور صلاح فضل، الدكتور عبد الملك مرتاض والدكتور علي التميمي، ثلاثتهم قامات إبداعية وثقافية أدوا وظائفهم على أكمل وجه، أدوارهم كانت وظيفية شكلية وإجرائية لا أكثر، والدليل أن اختيار الفائزين لم يكن وفق معاييرهم وتقويمهم للشعراء، ولو سألت أحد أعضاء اللجنة سيقول لك: (هذا هو قانون الجائزة..). لكن هل نستطيع مطالبتهم بعدم المشاركة في اللجنة؟ إنه اختيار شخصي، رغم أنه يسيء لكل عضو فيهم، ولا أعتقد أن بمقدورهم الدفاع عن أنفسهم وهم يراقبون الشاعر الذي منحوه أقل الدرجات قد ارتدى بردة الشعر واصبح يُنادى بأمير الشعراء، ويقترن اسمه باللقب، وسيُدعى إلى الأمسيات بصفته أمير الشعراء، وليس الفائز في مسابقة تلفزيونية اسمها (أمير الشعراء).
إن الكارثة الأكبر هي في تصديق أمراء المسابقة بأنهم أمراء الشعر، لا شك أن بعضهم يمتلك موهبة كبيرة في النظم، لكن هذه الموهبة لا تؤهله أن يعتلي المنابر ويسبق اسمه لقب أمير الشعراء>
وبمناسبة النظم، فإن معظم المشاركين في الدورة الأخيرة هم نظامون، والشعراء الستة الذين وصلوا إلى المرحلة النهائية ينطبق عليهم الوصف أكثر من غيرهم، وهناك فرق شاسع بين من ينظم الشعر وبين من يكتبه، وظهرت هذه المعضلة في فقرة الارتجال، معظم المتنافسين قدموا أبياتا (صف كلام)، ورغم ذلك، قوبلوا بالمديح، لأن المسابقة كلها تسويقية تستدرج البطاقات الائتمانية إلى فخ الإمارة.
وبمناسبة النظم والشعر، لا أبالغ إذا قلت إن الشاعرة اللبنانية حنان فرفور كانت الأكثر شعرية بين المتسابقين والأجمل إلقاءً والأجمل في مخارج حروفها ولغتها وإيحاءاتها، رغم وصف الدكتور مرتاض لقصيدتها التي خرجت من المسابقة على أثرها بأنها “تهويمات”، ولا ألومه على ذلك، فهو تقليدي لا يستطيع التعامل مع الروح الحداثية في الشعر العامودي أو مع الصورة الشعرية التجريدية، وخروج حنان فرفور من المسابقة لم يكن لضعف في قصيدها، وإنما لخلل في انتماء حكومتها، لقد خُذلت حنان من قبل وزارة الثقافة ووزارة الاتصالات واثرياء بلدها وغيرهم، وللعلم بعض الدول جعلت التصويت مجانياً للمسابقة وتحملت الفرق، وبعض الأثرياء في دول أخرى ساهموا في إنجاح شعرائهم، لكن في لبنان استكثروا على شاعرة جميلة كانت تُنادى بشاعرة الأرز في المسابقة، أن يبادروا بالتصويت لمقامها.
ولا يفوتني أيضا الإشادة والتنويه بالشاعرة السعودية حوراء الهميلي لأنها شاعرة حقيقية وجميلة.
طبعاً، التصويت يجب ألا يكون معياراً للتفوق، ولا يجب أن يدخل مجال الشعر ولا الغناء ولا أي مسابقة إبداعية، والمسابقة تستحق أن يمولها رجال الأعمال والحكومة، لعلاقتها بالإبداع، رغم أن حكومة الإمارات لم تبخل على الإبداع والمبدعين.
أما تسمية أمير الشعراء فأقترح تغييرها لتصبح (أمير شعراء القصيدة العامودية) حتى يكفّ الفائزون (بلاهم) عن الشعراء، أما إذا أرادوا الإبقاء على اسمها، فأقترح أن تُتاح المشاركة أمام الشعراء، وأعني شعراء العامود والتفعيلة والنثر، وأن تكون مسابقة شعرية حقيقية، لتتحقق الغاية من وراء تنظيمها وهي الارتقاء بالإبداع..
وشكرا ,,(بدون تنوين)..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى