رسالة الى مجهول…6…/ بقلم الكاتبة هند خضر /سوريا
رسالة إلى مجهول…6….
أيها المجهول في كل رسالة أخاطبك بها أسألك من أنت ولكن هل تعتقد بأنني أجهلك حقاً؟ !
قلبي يا سيدي لا ينكر من سكنه يوماً وأحاطه بشغافه
وأنت يا سيدي لست ديانة أرتدّ عنها ولا وطناً أغادره وأمضي فكيف أتغرّب عنك و كنت لي وطناً و ملاذاً ؟
استمع جيداً لما سأقوله لك اليوم ..استمع لمعزوفتي فربما تتقطع أوتاري و تكون معزوفتي الأخيرة فهل للأوتار المتقطعة العزف من جديد؟
بالتأكيد لا ..الآن أنا أعيش في كنف إحساسي العالي وكما تعرف هو مقبرتي ..وعندما يموت إحساسي سيجف حبر قلمي و سأكفّ عن مراسلتك ..
أنت الحب الذي انتظرته طويلاً ..انتظاري استغرق أعواماً و أعواماً على رصيف العمر عندما كنت أجلس على مقعد خريفي كجثة هامدة ..أمضي في حياتي غائبةً عن الوجود وحتى تواجدي في هذا العالم كان يبدو كأنه مجرد هلوسات وخيالات ..ملامحي كانت تبدو كملامح الموتى اختفى منها وهج الحياة و أطرافي باردة كنت أتوّه بصمت فحصلت المعجزة التي انتظرتها عمراً وشاء القدر و أرسلك لي و رسمك على حدود أيامي كي يصبح لوجودي معنى ..مررت بقربي وهمست لي: يذوب دماغي إذا فكرت أنك تتأوهين فاخضوضر القلب من جديد ..أضيئت الأنوار في شوارع صدري المظلمة و المستسلمة لسبات طويل ..
لملمت ما تبعثر مني على أطراف الشتاء وأعدت لوجهي نضارته و حيويته ..بمجيئك عانقني الفرح بل أكثر باركتني السماء ..(أن يأتي أحدهم ،يمسح دمعك، يأخذ بيدك وينتشلك من الغرق في وحل الحياة شيئ لا يُقدّر بثمن)
جئت إليّ من حيث لا أدري محمّلاً بالحب، النبض والحياة وانتزعت ذكرى بائسة كانت تقطن في مخيّلتي ..
اخترقت مسام روحي و وصلت لآخر نقطة فيها ..تلك الروح التي لم يسبقك إليها أحد ..
شاء القدر مجدداً و عاد بك من حيث أتيت و عدتُ إلى مقعدي وحيدةً ..وحيدة كسيجارة أخيرة في علبة تبغك لا شيئ معي سوى الذكرى و رائحة عطرك تملأ المكان من حولي وتفتح باباً اغلقه الزمن فكما تعرف العطور بوابة الذكريات ..أتوسل الأحلام أن تعود إلى قلبي مجدداً دون جدوى ..
كل شيئ في داخلي استسلم للحزن والضياع ..
كل شيئ قدّم شهادة الوفاة ..
كل شيئ عزف لحن الوداع عى إيقاع ناي حزين يئنّ كأنين قلبي ..
كل شيئ لملم أشرعة الرحيل وهاأنا أمضي في دروب مكتظة بالفراغ القاتل ..
متعبةٌ جداً بدونك ..أحتاجك عندما يجهل أقرب الناس إليّ من أكون ..
أحتاجك للانهاية عندما يحاولون جرحي بنظرة أو بكلمة و أتذكر أنك كنت لي جناحاً واليوم أنا بدونك طير مكسور الجناح ..
فكيف لي أن أنسى من أنت؟ !
يتبع …