منتديات

سَليم الحُص رَئيساً للحُكُومَةِ مِن خارِجِ “نادي رؤساءِ الحكوماتِ” في لبنان

سَليم الحُص رَئيساً للحُكُومَةِ
مِن خارِجِ “نادي رؤساءِ الحكوماتِ” في لبنان

(الأزمَةِ والقَضِيَّة)

الدكتور وجيه فانوس
(رئيس ندوة العمل الوطني)


بَرَزَ دولة الرَّئيس الدكتور سليم الحص، في ساحة رؤساء الحكومات في لبنان، بانميازاتٍ خاصَّةٍ به؛ ولعلَّ من أبرز انميازاته، في هذا المجال، أنَّه لم ينطلق في السَّاحات السِّياسيّة في لبنان، الداخليَّة منها والإقليمية والدوليَّة، الأكثر دقَّة وتعقيداً وحساسيَّة وخطورة، من خبرة سياسيَّة عمليَّة على الإطلاق. كان كل المتوافر لديه، من زاد، ينبع من خبرة إداريَّة في “هيئة الرَّقابة على المصارف”؛ وكذلك من أبعادٍ معرِفِيَّةٍ شديدة العمق، استناداً إلى تخصصه العلميِّ، وتشعب قراءاته وتنوع اهتماماته الفكريَّة والأدبيَّة، ومن ثقافةٍ أكاديميَّةٍ متباعدة المرامي، بحكم عمله أستاذاً جامعيَّاً، ولكونه مستشاراً رئيساً، ضمن تخصُّصه، لدى مؤسَّساتٍ عربيَّةٍ ودولية. ولعلَّ أفضل تمثيل لهذا الأمر برمَّته، ما انتشر بين النَّاس قاطبة، يوم جرى تكليفه في التَّاسع من شهر كانون الأوَّل (ديسمبر) من سنة 1976؛ أنَّه الرَّئيس الذي كَسَرَ حلقة “نادي رؤساء الحكومة” في لبنان؛ وصار رئيساً للحكومة اللُّبنانيَّة، غير مسبوق المواصفات.


حَصَلَ َأوَّل لقاء، شخصيٍّ ومباشِرٍ، لي مع دولة الرَّئيس الدكتور سليم الحص، مساء يوم الجمعة، الواقع فيه 18 كانون الأوَّل سنة 1981. كنتُ، آنذاك، بعد سَنَةٍ من نيلي للدكتوراه من “جامعة أكسفورد” في بريطانيا، وعودتي للعمل أستاذاً جامعيَّاً في لبنان. كان اللِّقاء في دارة دولة الرَّئيس، في ما درجَ النَّاس على تسميته بـ”دوحة الحص”؛ وهي منطقة سكنيَّة راقية، أنشئت قبيل سنواتٍ، جنوبي بيروت. توجَّهت إلى اللِّقاء، مع خمسةٍ من الأصدقاء، كنتُ أسعى معهم إلى تحقيقٍ لملامح رؤيةٍ سياسيَّةٍ تجول في بالنا؛ وكان الهدف من اللِّقاء، أن نغتني بما يمكن أن يزوِّدنا به دولة الرَّئيس، من آراء وتوجيهات.

انتبهتُ، وصحبي في هذا اللِّقاء، إلى أنَّ دولة الرَّئيس يعبِّر، في ما كنَّا نحاوره فيه، عن تمايزٍ جوهريٍّ بين ما هو “وطنيٍّ” وما هو “سياسي”. الوطنيُّ، ما يؤكِّد عليه أهل الوطن من توافقِ على هُويَّة وجودٍ مشترَكةٍ فيما بينهم، وما يَجمع بينهم من مصلحةٍ عامَّةٍ مشتركةٍ؛ وهذا ممَّا لا يجبُ الاختلاف فيه أو عليه. “السِّياسيّ”، هو نهجُ كلِّ فردٍ أو مجموعةٍ أو مرحلةٍ زمنيَّةٍ، في تحقيق ما هو “وطنيُّ”؛ وهنا يكون التَّنافس، عَبْرَ التَّنوُّع والتَّعدُّد وحتَّى الاختلاف، عاملَ تحفيزٍ وانمياز. وكان أن تتالت اللِّقاءات والاجتماعات، بعد ذلك، مع دولته؛ بعضُها كان عامَّاً، وفي أماكن عديدة؛ وبعضُها الآخر، كان خاصَّاً بيننا؛ يحصلُ في دارة الرئيس.


تَطَوَّرَتِ الأمورُ، وتلاحقت الأحداث وتواصلت الاجتماعات؛ كان لَوْلَبُ الحركةِ في كلِّ هذا، الأستاذ هاني فاخوري (أبو ياسر)، رحمه الله؛ أمَّا المِحورُ، فعملٌ وطنيٌّ، برعايةٍ للدكتور سليم الحص، أطال الله بعمره؛ إلى أن أُعلن رسميَّاً، وبموجب “العِلم والخَبَر”، رقم 11/أد، الصَّادر عن وزارة الدَّاخليَّة في لبنان، يوم الثلاثاء، الواقع فيه 27 كانون الثاني 1987، وجودُ “ندوة العمل الوطنِّي”؛ برئاسة دولة الرَّئيس الحص؛ وكان لي، منذ ذلك الحين، شرفُ العضويَّة فيها، وأنْ أكونَ في مواقعَ أكثر قُرباً من إيقاعاتِ الحضورِ الوطنيِّ لدولته.


لَمْ يُمارس الرَّئيس الحص، السِّياسة، بالمفهوم التَّقليديِّ المُتعارَف عليهِ بين غالِبِيَّةِ اللُّبنانيين، والقائم على كثيرٍ من التَّزَلُّمِ الشَّخصي، والاحتماء بالانتماء إلى الطّائفة الدِّينيَّة أو أحد مذاهِبِها وما قد يكون فيهِ تفرُّعاتٍ، أو الاختباء في أغوار انتماء جغرافِيٍّ مناطقيٍّ، بقدر ما عاش الوطنيَّة ورعاها بكل سلوكياته العامَّة؛ بل طالما زكَّى ما هو وطنيٌّ على حساب ما كان له فيه مصلحة سياسيَّة. لقد إستجاب لمفاهيمه الوطنية في القرارات التي كان يتخذها؛ إلى أن وصل إلى مرحلة كان فيها رئيساً للوزراء، يقرِّ مشروع قانون للانتخابات النيابية، لم يتمكن من تأمين معارضة أغلبية مجلس الوزراء له، بل عارضه هو شخصيَّاً. والرَّئيس الحص ، كان سنة 2000، أوَّل رئيس الحكومة اللبناني الأوحد الذي أدار، بحكم موقعه في رئاسة الحكومة، دورة انتخابات نيابية، كان هو من مرشحيها، لكنه لم يحقق الفوز الانتخابي فيها.


عَايَشَ الدكتور سليم الحص وجوده في الشَّأن السِّياسيّ العام في لبنان ضمن صراعٍ رهيب؛ صراع يشبه إلى حد كبير الصراعيَّات (الدراما) التي تحفل بها مسرحيَّات إسخيليوس وسوفوكليس ويوريبيدس الإغريقيَّة. كان محور الصراع، في تجربة الحص، نزال بين “الديقراطية الواعية” من جانب، وهي ههنا، “القضيَّة”، و”الحريَّة المطلقة” من جانب آخر، وهي ههنا، “الأزمة”. ولكم تكبَّد الرَّئيس مآسي هذا الصراع، وكم احتمل من خيبات انتصار “الحريَّة المطلقة” على “الديمقراطيَّة الواعيَّة”، وكم تجشَّم عناء الصَّبر على كل هذا؛ حرصاً على مبدئية العمل الوطني وصوناً لما يمكن من سلامته.


اشْتُهِرَ عن دولة الرَّئيس الحص قوله “في لبنان كثير من الحريَّة وقليل من الديمقراطية”. ويذكر الدكتور الحص، في محاضرة له في الولايات المتحدة الأميركية-ولاية أطلنطا، ألقيت سنة 1990، “يفترض في الديمقراطية عادة أن تكون صمَّام أمان لأي مجتمع مستقر في مواجهة الضغوط والأوزار التي تترتب على التطور والتغيير. ومن دلالات ضعف الديمقراطية في لبنان، أن نظام ما قبل الأزمة لم يكن ينطوي على قدر كاف من الليونة يمكنه من التجاوب مع الحد الأدنى من التغيير المطلوب لاستباق الأزمة، وهذا برغم ما عرف به ذاك النظام من إباحة للحريات الفرديَّة”. ومن الطَّبيعي أن يتصرَّف المرء مع “القضيَّة”، على أنها المبدأ الذي لا يمكن الفكاك منه؛ كما أنه من المفترض أن يتصرف مع “الأزمة”، على أنها الأمر الذي لا بد من التخلص منه بالعمل على إنهائه.


عَايَشَ الرَّئيس الدكتور سليم الحص، بحكم رئاسته للحكومة في لبنان، الشَّان السِّياسي العام في البلد؛ ولم تكن هذه المعايشة محكومة بمجرَّد ما ارتضاه الرَّئيس لنفسه من قِيَمٍ واتَّخذه من مبادئ وعمل في سبيله من أهداف؛ واقع الحال، كانت مُعايشةً محكومةً، في كثير من محطَّاتها، يوعيٍّ ثقافيٍّ خاصٍّ للنَّاس للعمل السِّياسي، وخلطٍ كبيرٍ عندهم، لِما هو سياسي بِما هو وطني. ولعلَّ مِن المفاتيحِ التي يمكن الولوج بها إلى بعض نظرٍ في تجربةِ دولة الرَّئيس الدكتور سليم الحص في تولي رئاسة الحكومة في لبنان، مفتاح مخالفة وجوده في السُّلطة لمفهومين استحوذا على كثيرٍ مِن توجُّهات العمل في الشَّأن السِّياسيّ العام في لبنان وأساليبه؛ هما “البيت السِّياسيّ” و”نادي رؤساء الحكومات”. ولعلَّ استعراضاً تحليليَّاً لتوزُّعات رؤساء الحكومات المتعاقبة في لبنان/ منذ إعلان استقلاله سنة 1943، إلى حين تكليف الدكتور سليم الحص تشكيل أوَّل حكومة له سنة 1978، ما قد يساهم في الإضاءة على بعض النِقاط الأساس في صراعيَّة “الأزمة والقضيَة”.


رغم أنَّ لبنان دولة تعتمدُ، وفاقاً لما ينص عليه دستورها، نظاماً برلمانيَّاً رئاسيَّاً، فإنَّ رواسب كبرى من مفاهيم الوجود الإقطاعي ومعاييره، ما انفكَّت تَتَحكَّمُ بكثيرٍ من مفاصل العمل السِّياسيّ، وسواه من مجالات العيش ومظاهره في البلد. ويُعتبر الإقدامُ على خرقِ هذه “الرَّواسب”، أو حتَّى بعضها، وخاصَّة في المجال السِّياسيّ، من الأمور التي قد تُلاقى بالمُمَانَعَة وفي أحيانٍ بالمُنَازَعَة، ناهيك عن الإِعْتَراض والمُجَابَهَة؛ بل وصولاً، في أحيانٍ عديدة، إلى المُفَاتَلَة. ولا يكون كلُّ هذا، برمَّتهِ، مِن قِبلِ عامَّة النَّاس، بقدر ما يكون من أهل القيادة السِّياسيّةِ أنفسهم. يتجلَّى الوجه العملي من هذا الموضوع، بمصطلحين أساسين، ما برح يَتَداولُ بهما كثير من أهل السِّياسة والمهتمِّين بشؤونها في لبنان. أوَّل هذين المصطلحين، مصطلح “البيت السِّياسيّ”؛ وثانيهما، مصطلح “نادي رؤساء الحكومات”.


يَدُلُّ مصطلح “البيت السِّياسيّ”، على أن المنخرط في العمل السِّياسيّ، وخاصَّة في المجالين التمثيلي والسُّلطوي، لا بدَّ له من أن يبني انخراطه، ههنا، على تراث عائلي؛ ومن المفترض أن تكون لهذا التًراث جذوره الضاربة في أرض ما ينطلق منه حامله، من مناطق وبلدات ومجتمعات. من هنا، فإن هذا المنخرط في الشأن السِّياسيّ، يطل على ناسه ويتعامل معهم، استناداً إلى مفاهيم تراث واضح المعالم، في مجالات التحالفات والانتماءات السِّياسيّة وما يحيط بها من قضايا مفهوميَّة وشؤون اجتماعيَّة واقتصاديَّة وسواها من أساليب التعامل والتفاعل.


لَعَلّ هذا الأمر تكوَّن، في رحاب العمل السِّياسيّ اللبناني، نتيجة توارث لمفهوم إقطاعي؛ ارتبط به الشأن السِّياسيّ اللبناني، منذ عهود بعيدة الغور في امتدادها الزمني والتاريخي. وهذا كله لا يعني أن لا مجال لمن لا ينتمي إلى بيت سياسي، من أن يكسر هذا المفهوم؛ غير أن هذا “الكسر”، قلما كان ينجح أو حتَّى يستمر، إلاَّ إذا لقي تبنِّياً أو تأييداً أو تعاطفاً من “بيت سياسي”. وإنَّ مراجعة بسيطة لحضور معظم المشتغلين بالشأن السِّياسيّ القيادي في لبنان، تفيد أنَّ كثيرين منهم ينتمون إلى عائلات، تحرص على توارث هذا العمل فيما بين أبنائها وحدهم، ومن دون سواهم على الإطلاق؛ أيَّاً كانت ظروف هذا التوارث وأحواله.


يَنْبَثِقُ مصطلح “نادي رؤساء الحكومات”، من جهة أخرى، مِن عين المنهج التَّفكيري الذي وَلَّدَ مصطلح “البيت السِّياسيّ” ومفاهيمه. يدلُّ هذا المصطلح، في لبنان، على أنَّ ثمَّة شخصيَّات محدَّدة، بنوعيَّاتٍ محدَّدة بتراثٍ سياسيٍّ، وحضورٍ شخصيٍّ خاصٍّ بها، هي الأكثر قبولاً من سواها، في تسلُّم مقاليد رئاسة الحكومة. غالباً ما تكون، هذه الشخصيات، منبثقة من “بيوت سياسية”؛ أو تراها تمكَّنت، عبر ممارساتٍ من الحضور والعمل وربما الانتساب المعنوي إلى بيت سياسي ما، من تثبيت وجود لها؛ ولعلَّ نظرةً إلى واقع رؤساء الحكومات في لبنان، منذ عهد الاستقلال، وإلى اليوم، يوضِّح هذا الزَّعم بل وربَّما يؤكده.


تَشَكَّلَت في لبنان، منذ إعلان دولة الاستقلال سنة 1943، في عهد الرَّئيس بشارة خليل الخوري، إلى حين ألَّف الرَّئيس الدكتور سليم الحص حكومته الأولى، في التَّاسع من كانون الأول سنة 1976، في عهد فخامة الرَّئيس إلياس سركيس، ووفاقاً لما تذكره وثائق مجلس الوزراء اللبناني، إحدى وخمسون حكومة. تولَّى رئاسة هذه الحكومات، في ظروف متعدِّدة ومتنوِّعة، وفي أحيان متباينة في ما بينها، سبعة عشر شخصيَّة. تولَّى زمام رئاسة الحكومة من هذه الشَّخصيَّات، الرؤساء “رياض الصلح” و”عبد الله اليافي” و”سامي الصلح” و”رشيد كرامي” و”صائب سلام”، في مراحل زمنية تجاوز مجموعها، عند بعضهم، سنوات عديدة. ومن رؤساء الحكومات الآخرين، وتحديداً، “حسين العويني” و”خالد شهاب” و”تقي الدِّين الصلح”، من لم تتجاوز أعمار الحكومات التي شكَّلوها، في حدِّها الأقصى، السَّنتين. ومن جهة أخرى، فثمَّة من تولى هذه الرِّئاسة لأيَّام أو لأشهر قليلة جدَّاً، وهم “ناظم عكَّاري” و”خليل الهِبري” و”فؤاد شهاب” و”أحمد الدَّاعوق” و”أمين الحافِظ”.


كما يُمْكِنُ، تالياً، النَّظر إلى رؤساء الحكومات اللبنانية، في هذه المرحلة، استناداً إلى النسبة المئوية للتَّوزُّع العائلي؛ التالي وروده، الصلح: %22، كرامي:%21 سلام:%10، اليافي:%21، الهبري:%2، الحافظ:%2، الدَّاعوق:%5، العويني:%10، الرِّفاعي: %2، شهاب:%2.


لَعَلَّ بالإمكان الزَّعم، ههنا، وبشكل عامٍّ، أنَّ عراقة العائلة السِّياسيّة، برزت أكثر من سواها، في مجالات تولي مهام رئاسة الحكومة في لبنان، كما الحال مع “آل الصلح” و”كرامي” و”سلام”؛ في حين إنَّ الوجود الشخصي لبعض الأفراد، كما كانت الحال مع الرَّئيسين اليافي والعويني، أثبت قدرة معينة لدى كل منهما، خارج نطاق مفهوم “البيت السِّياسيّ” التقليدي، في تولي مقاليد رئاسة الحكومة.


يُسْتَحْسَنُ، تالياً، االتوقف، عند ما تقدِّمه تجربة الرَّئيس “عبد الله اليافي”، بحدِّ ذاتها، في هذا المجال، وذلك للإضاءة، لا حقاً، على تجربة الرَّئيس سليم الحص. تنهض تجربة الرَّئيس عبد الله اليافي ، على شخصيَّة تحمل درجة الدكتوراه في الحقوق من “جامعة السوربون”، منذ سنة 1926؛ كما أنَّ صاحبها اشتغل في المحاماة، ثمَّ بدأ ممارسة الشَّان السِّياسيّ العام منذ أن انتخب نائباً عن الأمَّة للمجلس النيابي اللبناني، سنة 1937، زمن سلطة الانتداب الفرنسي على لبنان. ترأس عبد الله اليافي ما نسبته (19%) من الحكومات التي تشكَّلت منذ إعلان استقلال لبنان، سنة 1943؛ وهو بهذه النسبة يقف قريباً من تلك التي حققها أشخاصٌ مجتمعين ضمن مفهوم “البيت السِّياسيّ”. فـ”آل الصلح”، حصَّلوا، عبر أربعة رؤساء، نسبة (22%)، و”آل كرامي”، تمكنوا من خلال رئيسين، من تحقيق نسبة (21%)؛ وبقي “عبد الله اليافي” متقدِّماً، بإحدى عشرة نقاطة، على نسبة (10%)، التي أصابها “آل سلام”، برئيس واحد.


تَجَلَّى اسم الدكتور سليم الحص، رئيساً للحكومة اللبنانية، مع تولِّي الرَّئيس إلياس سركيس مقاليد رئاسة الجمهورية في لبنان سنة 1976. وسليم الحص، لم يأتِ من عراقة عائلة سياسية على الإطلاق، رغم إنَّ أحد أقاربه، رجل الأعمال “فوزي الحص”، انخرط، خلال مطلع النصف الثاني من خمسينات القرن العشرين، في الشَّان السِّياسيّ في لبنان؛ غير أنَّ انخراطه القصير هذا، لم يضع العائلة ضمن التصنيف التقليدي للعائلات السِّياسيّة. لم يكن سليم الحص، من أصحاب الثَّروات، ولا من رجال الأعمال أو القانون أو العسكر؛ كما كانت حال معظم من سبقه إلى تولي رئاسة الحكومة في لبنان. لم يكن، لسليم الحص، كذلك أي نشاط شعبي اجتماعي أو سياسي معروف؛ ولربما لم تخطر على باله، من قبل، أية طموحات في مجالات العمل السِّياسيّ المباشر. يبدو أنَّ جلُّ اهتمام، سليم الحص، قبل تسميته لرئاسة الحكومة اللبنانيَّة، كان منصباً على وظيفته، رئيساً لهيئة الرقابة على المصارف في “مصرف لبنان”، وأستاذاً في العلوم الاقتصاديَّة في الجامعة الأميركية في بيروت، فضلاً عن مشاركات له في استشارات متخصصة لمؤسسات عربية ودولية.


يَبْدو أن المعرفة الشخصيَّة والخبرة الوظيفية، اللَّتان ربطتا بين حاكِم “مصرف لبنان المركزي”، منذ منصف ستينات القرن العشرين، “إلياس سركيس”، ورئيس “هيئة الرقابة على المصارف”، في المصرف عينه؛ سليم الحص، شجَّعتا إلياس سركيس، يوم صار رئيساً للجمهوريَّة سنة 1976، على تسمية سليم الحص رئيساً لأول حكومة في عهده. واقع الحال، لم يكن إلياس سركيس ولا سليم الحص، كانا من المجموعة التقليدية للعمل السِّياسيّ في لبنان؛ إذ كلا الرجلين أمضى الرَّدح الأكبر من حياته العامَّة منغمساً في مهام إداريَّة ومالية، أكثر منها سياسية بالمعنى المباشر. لذا، يمكن الزَّعم ههنا، أنَّ إلياس سركيس وجد في سليم الحص مرآةً ما لتجربته في الشأن العام؛ وارتأى، تالياً، إمكانية أن يشكلاَّ معاً منطلق ممارسة جديدة ورائدة في دنيا الحكم في لبنان. وليس بغريب الزَّعم، كذلك، أنَّ سليم الحص، رحَّب بمبادرة سركيس باتجاهه؛ ولم يجد، تالياً، أية غضاضة في ممارسة يرتئيها للشأن السِّياسيّ في لبنان.


لَمْ تقف رئاسة سليم الحص، للحكومات في لبنان، عند حدود عهد الرَّئيس إلياس سركيس على الإطلاق؛ إذ بعد أن تقدَم الحص باستقالته من رئاسة الجكومة، لخلافات مبدئيَّة في إدارة توجُّهات الشَّان السِّياسيّ، للرئيس سركيس، في 8 حزيران (يونيه) 1980؛ فإنَّه عاد إلى تولي رئاسة الحكومة، مرَّة في عهد الرَّئيس إلياس الهرواوي، ومرَّة أخرى في عهد الرَّئيس إميل لحود.


تَمَكَّنَ سليم الحص من أن يكون رئيساً للحكومة اللبنانيَّة بنكهة خاصَّة به؛ ولعلَّ من أفضل ما يدلُّ على هذه النَّكهة ويوضِّح حضورها وأبعادها، ذلك القول المشهور للرئيس الحص: “يبقى المسؤول قوياً إلى حين يطلب شيئاً لنفسه”. وبالفعل، فالرَّئيس لم يطلب أيَّ أمر لنفسه.


كَرَّسَ الرَّئيس سليم الحص كل ما لديه من حكمة ورأي وقدرات خدمة للبنان، وسار على دروب عديدة تكاثرت أشواكها وتعاظم أذاها. ظلَّ الرَّئيس صامداً عند معتقداته ومتمسكِّاً برؤاه وساعياً إلى تحقيق نهضة نوعيَّة لبلده؛ في زمن تكالبت فيه أطماع عديدة أحاطت بوجود لبنان. يقول الحص في الصفحة 92 من كتابه “نافذة على المستقبل” (1981) “إن المؤامرات التي تدار على مسرح الأزمة اللبنانية هي بعدد القوى الفاعلة فيها؛ ومن تفاعل هذه القوى وتصادمها، في مآربها ونشاطاتها ومناوراتها، يمكن رسم صورة لجانب من مأساة لبنان عنوانها: لعبة الأمم في لبنان”.


كانَ الرَّئيس الحص يتحرَّك، إبَّان رئاسته للحكومات، وسط أجواء تناقضت فيها السياسات وضمن ساحات تباينت على أرضها ومع ناسها، المخططات المحليَّة والإقليمية والدوليَّة، إلى حدودِ التناحر والتقاتل وسفك دماء اللبنانيين وهدر كثير من مقومات عيشهم. كان كل طامع، خارجي أو داخلي، يبذل قصاراه لفرض ما يبغيه من لبنان وممن هم فيه؛ ضمن حربِ تناتشٍ إجراميِّ وقلقٍ إنسانيٍّ وسيلٍ ما كان ينضب من الضحايا والخسائر البشريَّة والماديَّة، على حدٍّ سواء، مع الانهيارات القيميَّة الاجتماعيَّة والأخلاقيَّة. وقف سليم الحص، وسط هذا الخضم، وما معه من سلاح، سوى ضميرٍ رؤيويٍّ حيٍّ، يواجه به إجرام الطَّامعين وعسف المتحاربين وحجج المتخاصمين. رأى سليم الحص، وكما يذكر في الصفحة 7، وما يليها، من كتابه “نقاط على الحروف”، (1978)، “أن توازن اللاَّ رُضى، هو توازن غير مستقر” وأنَّ “الإئتلاف التوافقيُّ لا يشكِّل حلاَّ دائماً في ذاته”؛ والحل الحق يكون بالعمل باتِّجاه “نظام ديمقراطيٍّ سليم وفاعلٍ؛ بمعنى الممارسة التي تعبِّر عن رغبات الشعب وطموحاته وتتجاوب مع تطلعاته وحاجاته وتحافظ على قيمه ومبادئه وحرياته”.


طَرَحَ سليم الحص أفكاراً ومبادئ ورؤى وكلماتٍ كانت جميعها، بعيدة عن إيقاعات المزاج التعبوي العسكري والديماغوجي الذي كان يسعى، بكل انتهازيَّةٍ، إلى سيطرة على السياسة والناس وتالياً الوطن. ولمَّا لم يكن لسليم الحص، بالمفهوم السِّياسيّ التقليدي في لبنان، مؤسسة حزبيَّة أو عائليَّة يعمل من خلالها، فقد جعل من حضوره الشخصيِّ ومن رؤيته الوطنيَّة، قوَّة ومنطقاً يحاور بهما من المتشبثين بأرض الوطن، ليصل معهم وبهم إلى سبل للخلاص. وتصدَّى، سليم الحص، بمنطقه وحكمته وسعة رؤاه الوطنيَة وعمقها، للساعين إلى تبديد همَّته وتفشيل مساعيه، بل وتغييب له عن ساحِ العمل الوطني، حتَّى وصل الأمر ببعض الجهات إلى العمل على تغييبه بالاغتيال الجسدي. كان الحص يواجه هؤلاء بصلابة إيمانه بالوطن، ويعمل بحكمة رأي ورؤية، مع المتطلعين إلى آفاق بقاء لبنان والمتمسِّكين بوحدته وضرورة وجوده.
تَعاوَنَ الحص مع المحيط العربي، والخارج الدَّولي؛ وكان في تعامله، الإقليمي، مثالاً للرفعة السِّياسيّة في التفاعل البنَّاء، وأنموذجاً للمقدرة على استخدام الدبلوماسيَّة الحصيفة في الذَّود عن حياض الوطن والدَّفعِ باتجاه سلامته وتعزيز استقلاله. كان تفاعل الرَّئيس الحص، ضمن المحيط السِّياسيّ العربيِّ، ينبع من وعيٍ شديد الغور ورحب الأرجاء، لما يعيشه هذا المحيط من تعقيدات وتناقضات.


انْطَلَقَ الحص في رحاب العمل السِّياسيّ العربي من رؤية أوضحها في الصفحة 160-161 من كتابه “لبنان على المفترق” (1984)؛ إذ يذكر “في عصر الهزيمة ضاعت قضية العرب في تعدد المشاكل التي تطوقهم. فبين المغرب والجزائر وموريتانيا، أزمة مستعصية، هي أزمة الصحراء؛ وبين ليبيا وبعض جاراتها وشقيقاتها، مساجلات واتهامات؛ وفي مصر، انعكاسات العزلة عن العرب؛ وفي الخليج، تدهور في عائدات النفط ومخاوف من تطورات حرب الجيران وانعكاساتها؛ وبين العراق وإيران، حرب ضروس لا تلوح لها نهاية وشيكة؛ وبين سوريا وجاراتها، صدُّ وجفاء؛ وتجاه إسرائيل خطر نشوب حرب جديدة مريعة؛ وبين سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية، كما بين الفلسطينيين أنفسهم، من الصدام ما تهون أمامه صراعات المتصارعين”.


نَالَ الرَّئيس سليم الحص، بممارساته السِّياسيّة الواعية والناضجة والضنينة بالمصلحة الوطنية العليا للبنان؛ والمؤمنة، كذلك، بأهميَّة التفاعل العربيِّ البنَّاء؛ كما حاز، بحضوره الشخصي، احترام الدُّول العربيَّة بقياداتها وناسها، فضلاً عن اكتسابه صدقيَّةً عزَّ نظيرها في تعامله العربي، كما الدولي، مع القادة والمسؤولين والمؤسسات.


يُشْهَدُ لدولة الرَّئيس الحص أنَّه رغم دقَّة الأوضاع السِّياسيّة التي عايشها، ورغم توتر الأجواء العامَّة التي رافقت معظم مراحل توليه رئاسة الحكومة في لبنان، لم يخادع أحداً ولم يستغفل أحداً ولم يتربَّح من أيِّ مشروع أو عمل أو مؤسسة. ويشهد له، أيضاً، أنَّه طيلة وجوده في السلطة، لم يسع إلى وساطة لأحد، ولم يسأل عن مكسب خاصٍّ لنفسه أو لقريب أو صديق أو غريب. انحصر كل هم الرَّئيس الحص في قضية الوطن، وأساس أن يرقى المسؤول بهذا الوطن إلى أقصى ما يمكنه من طموحات وبكل ما يجب، وربما بأكثر مما يجب، من أمانة العمل ونزاهته.


ثَمَّةَ ما يمكن أن يكون قد شكَّل صدمةً أو إزعاجاً، أو ربما أذىً لبعضهم، جرَّاء ما كان عليه الرَّئيس الحص في رئاسته للحكومات التي تولاَّها. لقد اشتهر بين النَّاس، القول عن الرَّئيس الحص أنَّه يتصرَّف وكأنه رئيس لحكومة في بلد شديد الرُّقي السِّياسيّ؛ وليس، على الإطلاق وكأنه في لبنان الذي ما انفكَّ يعاني ويلات الصراعات والأزمات الداخلية والخارجية. والواقع، فإنَّ هذا القول سيف بحدَّين جارحين؛ إذ قسمٌ ممن اعتمدوا هذا القول، كانوا من مؤيدي نهج الرَّئيس الحص والداعمين لرؤاه؛ همهم مساندته في الوصول بلبنان إلى مصاف الدول ذات الرقيِّ السِّياسيّ السامي. وثمَّة من تبنى هذا القول، وأخذ به، لا ليدعم دولة الرَّئيس الحص، بل ليحبط ما يقوم به الرَّئيس من جهود في هذا المجال؛ مؤكِّداً أن ما ينهج عليه الرَّئيس الحص، هو من خارج الواقع والمنطق ومفاهيم المصالح المباشرة وتوابعها في الشأن السِّياسيّ اللبناني.


يَتَحَدَّثُ الرَّئيس سليم الحص في الصفحة 189 من كتابه “حرب الضحايا على الضحايا”، (1988)، عن ما يراه “بين الأزمة والقضيَّة”؛ ولعلَّ في هذا ما يمكن أن يدل على بعضٍ من جوانب معاناته الدراميَة إبَّان عيشه، رئيساً للحكومة، للشأن السِّياسيّ العام في لبنان. يذكر الرَّئيس الحص، ههنا، أنه “في غمرة التضارب في وجهات النظر والتعارض في الرؤى والمنطلقات بين شتى الفئات اللبنانية؛ لا يفتأ الناظر إلى لبنان أن يجد نفسه غارقاً في متاهات مشاكل ومسائل ومشاغل لا حصر لها؛ وفي خضمها كثيراً ما تضيع معالم القضية. فلا غرو إذا وجد المرء نفسه يعود، كلما أوغل في تحري الحقائق عن القضيَّة اللبنانيَّة، إلى نقطة الصفر، فيتساءل” ما هي، في نهابة التحليل، القضية اللبنانية؟”.


ظَلَّ سليم الحص، يعاين هذه الصراعيَّة ويعايشها، طيلة عمله في الشَّان اللبناني. كان يزهو بما تحقق عبره، من انتصار لـ”الوطنيِّ” على حساب “السِّياسيّ”؛ ويكابد الحسرة عند اكتساح “السِّياسيّ” لـ”الوطني”. ويوم رأى، الرَّئيس الحص، أنَّ مبادئ “الوطني” يجري اكتساحها، إلى حد كبير، بغارات ما هو “سياسي” ونزواته، قرَّر، بكل وضوح وصفاء، اعتزال العمل السِّياسيّ؛ والتفرغ بكليته للشأن الوطني. انسحب سليم الحُص، من ساحة العمل السِّياسيّ؛ وكأنه بطل مسرحيَّة إغريقيَّة عاصفةٍ، آثر فيها انتصاراً لجوهر “القضية” أمام انكسار في وجه نهج سياسي فيها.


إِنْ كان سليم الحص وعبد الله اليافي يلتقيان في بعض أوجه تجربة كلٍّ منهما، في مجال تولي رئاسة الحكومات في لبنان؛ من خلال التمسك بصدقيَّة العمل الوطني ومبادئه، والالتزام بما يؤمن به كل واحد منهما، وعلى طريقته، بأولوية القضية الوطنية؛ فإنهما يشتركان، كذلك، في عدم اعتماد أي منهما مفهوم “البيت السِّياسيّ”، وأن كل منهما أثبت وجوده الفردي واستمراره إلى زمن مديد في رئاسة الحكومة.
I. خلاصات:
بَيْنَ تجربة الرَّئيس الدكتور سليم الحص، في رئاسة الحكومات في لبنان، وتلك التي قام بها الرَّئيس الدكتور عبد الله اليافي، نقاط تلاقٍ ونقاط تباين؛ ومع هذا، فإن في الخلاصة العامَّة لمتابعة تجربة كل منهما، ما يشير إلى حقيقة واحدة.
1) الفارق الزمنيُّ، بين منطلق كل واحدة من التجربتين، يتجاوز عقود ثلاثة من الزَّمن.
• احتلَّ الرَّئيس الدكتور عبد الله اليافي، بدايةً، منصب رئيس الحكومة، بحكم كونه سياسياً عريقاَ؛ لكن من دون أن يكون مرتبطاً بالمفهوم التقليدي للبيت السِّياسيّ.
• تولَّى الرَّئيس الدكتور سليم الحُص، رئاسة الحكومات، من خارج المواصفات التقليديَّة لها؛ فلم يكن من بيت سياسي، كما لم يكن من نادي رؤساء الحكومات.
2) أثبت الرَّئيسان، اليافي والحُص، مقدرة على الاستمرار في تولي مهام رئاسة الحكومة وإدارة البلاد بفاعليَّة واضحة؛ كما ترك كل منهما بصمة خاصمة به في الحياة السِّياسيّة اللبنانية، بتوليه عدداً لا بأس به من الجكومات وعلى امتداد سنوات عديدة.
3) اعتمد كلاَ من اليافي والحص، على وجوده الفردي، أكثر من اعتماده على مؤسسة سياسيَّة متكاملة في فاعلية وجوده السِّياسيّ والوطني؛ فلا الرَّئيس اليافي، الذي أصدر جريدة “السياسة” منبراً سياسيَّاً وفكريَّاً، ترك وراءه حزباً سياسيَّاً يهتم بتعزيز ما قدَّمه من رؤية وطنية وسياسية ويعمل على تمنيتها؛ ولا الرَّئيس الحص وظَّف “ندوة العمل الوطني” بأكثر من أن تكون منتدى ثقافي ناجح ومنطلقاً للرأي الوطني.
4) كلا الرَّئيسين، تراجع في فاعليته السِّياسيّة، حين توقف عن الممارسة المباشرة لها.
5) استمرَّ مفهوم “البيت السِّياسيّ” قائماً وفاعلاً في الشأنين الوطني والسِّياسيّ في لبنان.
II. استنتاجات:
إِنَّ “القضيَّة” التي تلح في هذا المجال، صادحة، مستفهمة، راجية، متأمِلة وباحثة عن تنفيذ لها، تنهض على المعطيات التالي ورودها:
1) بالإمكان الخروج، في الشأنين الوطني والسِّياسيّ، من التأثيرات الواعية واللاواعية للفكر الإقطاعي ومفاهيمه وقيمه.
2) بالإمكان الإفادة من التجربتين الفرديتين للرئيسين الحص واليافي، في فهم مختلف لإمكانيَّات العمل الوطني والسِّياسيّ في لبنان؛ إفساحاً في تحديث رؤاه وتفعيل قدراته؛ خاصَّة وأن التجربتين احتلتا حيِّزاً طويلاً من الزَّمن؛ امتدَّ زهاء خمس وسبعين سنة.
3) ثمَّة قدرة واضحة لأية قيادة نزيهة وشريفة ورؤيويَّة، بعيداً عن المفاهيم والتقليدية للولاء للبيت السِّياسيّ ومقيمه، إذا ما تمكَّنت من إثبات حضورها الحق، في الشَّانين الوطني والسِّياسيّ في لبنان، من أن تكون قادرة على تفعيل وجودها.
4) كل قيادة، لا يمكن أن تستمر إلى آجال بعيدة وفاعلة على المدى الوطني والسِّياسيّ، من دون وجود مؤسسة تدعمها؛ فالمؤسسة تساهم، إلى حد كبير، في توفير الحماية والاستمرار للقدرات، بغض النَّظر عن نوعيتها.
5) لقد حان الوقت، وأصبح الأمر من باب الحق الإنساني الوطني، والواجب السِّياسيّ الملح، أن يتلاشي مفهوما “البيت السِّياسيّ” و”نادي رؤساء الحكومات”؛ باعتماد مفهوم المواطنة والعمل السِّياسيّ المؤسساتي الديقراطي.
6) على اللبنانيين الانطلاق بقيادات تنهض على رؤى الوطنيَّة الناضجة، بأحزاب سياسية، لها ما ترى اعتماده من أساليب السياسة الموضوعية، ولكن ضمن توافقها على يؤكِّد عليه أهل الوطن من هويَّة وجودٍ مشتركة فيما بينهم، وما يَجمع بينهم من مصلحة عامَّة مشتركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى