مقام الصرخة/ بقلم الشاعر عصمت حسَان

مقام الصرخة
أشـتاقُ أكتبُ للزهورِ
لنورسٍ يدنو من الضوء الشفيفِ ويهتفُ
أشتاقُ للحبِّ النبيلِ
لقبلةٍ في العتمِ تشعلني وقلبي يرجفُ
أشتاقُ لامرأة من التفاحِ
تمنحني فراديسَ الطفولةِ والمدى العالي
وشوقاً تهتفُ
أشتاقُ أركضُ في الحقولِ المعشباتِ
بكل موسيقى الحساسين النبية
تعزفُ
وإذا تفتحتِ الغيومُ
مواسماً للغيثِ
أعرى من دمي الحافي
وأعدو في حواري الصرخة الأعلى مقاماً
حينَ صدركِ معطفُ
أشتاقُ لكنَّ الحياةَ مريرةٌ جداً
وأدري كيف تقوى سلطةُ الجلادِ
ترهقنا
وتسبينا إذا ما نضعفُ
وأظنُّ أحلامَ الجميعِ عليلةٌ حتماً
ونزرعُ عمرنا قمحـاً
زؤاناً نقطفُ
وأظنُّ نكتبُ قصة الطوفانِ ثانيةً
ونبني مركباً في التيهِ
لكنّ الرياحَ إذا كتبنا تحذفُ
وأظنُّ أني في القصيدةِ حالمٌ أبداً
وإنْ قلتُ الحقيقةَ للجياعِ
جميعُهم قالوا الغريبُ يخرّفُ
وأظنُّ أني كي أطيلَ الدربَ
كي لا يكسرَ الجلادُ شبّاكي الموشّحَ بالأنينِ
أقولُ إني لا أرى
لا أعرفُ
هذا زمانُ الزاحفينَ على الجباهِ
اللائذينَ بجحرهمْ
والصمتُ دوماً أشرفُ
هذا زمانٌ مجحفُ
والأرضُ جاريةُ الملوكِ الحاكمينَ
بأمرهمْ تتصرفُ
كنْ كاذباً تحظى بأوسمةِ البلادِ وتُنصَفُ
كنْ فاسداً
كن جاهلاً
كنْ أيّ شيءٍ تافهٍ
عيبٌ بأنكَ شاعرٌ ومثقّفُ
كنْ بهلوانَ القصرِ
وأرقصْ مثلما الدرويشِ
تُعطيكَ البطانةُ صولجانَ الراشدينَ
وكنْ حماراً تُعرَفُ
هذا زمانُ العهرِ
فاحملْ صوتكَ المكسورَ
جبهتكَ المعفّرةَ اليقينِ
تكونُ أكثرَ منعةً وتألقاً
لو جئتهمْ تتزلّـفُ
عيبٌ تقولُ بأنّ حبرَكَ مُلهَمٌ
وبأنّ شعركَ
من نقاء القلبِ
أنّكَ عاقلٌ ومناضلٌ ومؤلّفُ
هم يكرهونَ العقلَ
كنْ جرواً إذاً
واهززْ بذيلكَ فالتكاذبُ أظرفُ
واسرحْ مع القطعانِ تلقَ الخيرَ مزدهراً
وبيتَكَ قصرَ أحلامٍ
وتأمنْ أن عيشَكَ أترفُ
تشتاقُ تكتبُ للزهورِ
لغصّةٍ في القلبِ
للخمرِ المعربدِ في الجرارِ
عليكَ أنْ تستبدلَ المعنى
وقلْ هذي الحياةُ
جميلةٌ حقاً
وإنْ كانتْ حروفُكَ تنزفُ
الشاعر عصمت حسان رئيس منتدى شواطئ الأدب بشامون الضيعه