من بلاد الكبة النية إلى بلاد ال foie gras…..!!!بقلم و عدسة الكاتبة مريانا أمين
من بلاد الكبة النية إلى بلاد ال foie gras…..!!!
من بلاد الكبّة النية إلى بلاد ال foie gras ذهبت بعمر صغير، لا أفقه الثقافات إلا شيئاً قليلا.
فكيف بثقافة الغذاء التي كنت أعتقد أن شعوب العالم أجمع يأكلون نفس الأطعمة مثلنا في الشرق.
وأول صدمة غذائية كانت قصتي مع ال foie gras أي “الكبد الدسم”.
حيث كنت وصديقاتي في فترة عيد الميلاد نأكل في أحد المطاعم الفرنسية في مدينة Nice نيس الجنوبية.
من بينهنّ صديقة نيوزيلاندية معروفة بدفاعها عن حقوق الانسان والحيوان معاً، لا تأكل اللحوم بتاتا فاحترمنا أفكارها وهي كذلك.
بدأنا بإختيار ما نوَد أكله كلّ حسب ذوقه. وبما أنني كنت أتعرف على الوجبات الفرنسية شيئا فشيئا.
أحببت أن أطلب كصديقاتي ، طبق ال foie gras إعتقادا مني أنه يشبه طبق الكبد اللبناني المقلي مع شراب الرمان.
لكن عندما وُضع الصحن أمامي تفاجأت بقطعة واحدة صغيرة جدا مزينة ببعض أوراق الشومر عكس ما تخيلته تماما.
وعند سؤالي عن مكوناته!؟
إستنفرت الصديقة النيوزيلاندية بقولها، إنه طبق فرنسي يعتمد على تزقيم البط وتغذيته بطريقة قسرية، فهم يوسعون كبده عشرة أضعاف من حجمه الطبيعي حين يمسكونه حول عنقه ويدخلون الطعام بأنابيب فولاذية طويلة أو بمضخّة تعمل بالهواء المضغوط، ليدخلوا الطعام في حنجرته ثلاثة مرات في اليوم ولمدة عشرين يوما، ثم يذبحونه لاحقا، لترتفع وفيات البط بشكل ملحوظ خلال فترة التزقيم.
وعند استفساري عن البلاد أخرى؟
أجابت بأن إسبانيا تعتبر الأكثر إنسانية في هذا المجال لأنها تعتمد على خداع الطائر كي يستعد للهجرة قبل أوانه كي يأكل أكثر لكن بطريقة طبيعية بدلا من الاطعام القسري؛
واستبدلوا أنابيب الفولاذ بأنابيب مطاطية ليطلقوا على طبقهم إسم ” الأوز الأخلاقي” أو “كبد البط الانساني”
وختمت قائلة أما أنتم في بلادكم العربية لستم أكثر إنسانية لأنكم تذبحون الخراف والطيور بطريقة تقشعرّ لها الأبدان.
بعد انتهاء المحاضرة الغذائية، إنتهى وقت الطعام، فنظرت إلى الصديقات، صحونهن فارغة لأنهن التهمن الطبق كله بشراهة وأنا الوحيدة التي لم آكل شيئا لتأثري بكبد البطة الحزينة التي أكلت بأيام قليلة أكثر بكثير مما تأكله في البريّة ثم ماتت لأجلنا وهي تبلع الذرة المسلوقة بأنبوب من فولاذ بطريقة قمعية.
لاحقا عرفت أنه طبق ينتمي إلى التراث الشعبي الفرنسي يعود تاريخه إلى 2500 سنة ق.م اخترعه المصريون القدماء ثم وصل إلى فرنسا لتصبح أكبر دولة تنتجه وتستهلكه وتصدّره. ورغم أن نصف الشعب الفرنسي يؤيد حظر التغذية القسرية إلا انهم يستمرون في أكله.
إقتنعت أخيرا أن الغذاء ثقافة وليس حشوا للمعدة وللكبد.
لكنني وعدت نفسي أن لا أذهب بتاتا إلى أي مطعم مع أي صديق مدافع عن حقوق الحيوان، كي أتمكن من أكل طبق جديد لا أعلم ما هي قصته،
وإلا سأبقى بدون طعام أو سأكتفي بصحن salade Niçoise.
والذي أعاد بذاكرتي لهذه الحادثة هي نشرات الأخبار الفرنسية في فترة عيد الميلاد والتي تتكلم خلالها عن حزن الفرنسيين لعدم استطاعتهم شراء ال foie gras بسبب الوضع الاقتصادي الاوروبي الصعب.