أدب وفن
هذا المساء / بقلم الشاعر ميشال سعادة
هَذَا المَسَاء
دائمًا _ لَهَا ... هَذَا المَسَاءْ كُلَّ مَسَاءْ أَقرَأُ .. أُفَكِّرُ .. أَنبُشُ الذَّاكِرَهْ أَجلِسُ إِلى بَيدَرِ أَفكَارِي أَكتَبُ وَأَكتُبُ ... أَشيَاءٌ تَأتِي أَشيَاءٌ تَغِيبُ يَا هَذَا الرَّأسُ يَا هَذَا الأَنَا كَيفَ تَتَمَاهَى مَعَ الآخَرِ الذي مُنَاخٌ وَنَوَافذُ مَفتُوحَةٌ عَلَى الرُّؤَى يَا هَذَا الأَنَا / الآخَرُ المُغَامِرُ دَاخِلَ الذَّات وَالذِي أَنتَ دُونَهُ لَستَ أََنت ... كَيفَ لكَ تَحمِلُ هَذَا اللَّيلَ الذي جَمَّعَ النَّهَارَ وَاستَراحَ عَلَى بَيدَرِ العَصَافِير ؟ كيفَ لكَ تَكُونُ هُنَا .. هُنَاك ؟ كَيفَ لَكَ تَرَى الذِي لَا يُرَى وَالذِي يُرَى وَحدَكَ تَرَاهُ وَلَا تَرَاهْ ؟ وَحدَكَ تَبتَكِرُ جَسَدَهَا الذِي _ سَاجِدًا فِي المَركَزِ يَمُوجُ عَلَى الدَّائِرَهْ وَأَنتَ الحَائِرُ عَشِيقُ حَائِرَهْ كَيفَ تَبتَكِرُ جَسَدَهَا حِينَ يَكُونُ جَسَدُهَا بَعِيدًا .. بَعِيدًا وَحِينَ يَقتِرِبُ تَسقُطُ الكلماتُ فِي بِئرِ الغَيبِ الَّذِي _ لَيسَ غَيرَ هَذَا الحُبِّ الَّذِي _ فِي النُّقطَةِ سُكنَاهُ فِي الصَّمتِ مَأوَاهُ وَلا دَائِرَةَ بَعدَهُ دَائِرَهْ آدَمُ _ يَا أنتَ الآخَرُ أَرَى إلَيكَ تَحتَضِنُ العَينَ حِينَ إِلَى المَقاعِدِ صَوتُكَ جَلَسَ قُربَهَا كالنَّارِ فِي المَوقِدِ وَلَا رَمَادَ يُعَكِّرُ صَفوَ المَاءِ .. أَذكُرُ صَارَ صَوتُكَ ضَوءًا فِي حُضنِ ضَوئِها صَارَ فُصُولًا صَارَ تَحَوُّلَاتٍ أَمسَكَ فِي الظَنِّ يَدَهَا لَامَسَ شَعرَهَا عَانَقَ أَشكَالَهَا كَتَبَ الحَنِينَ عَلَى وَجهِ اللَّهفَةِ وَابتَكَرَ رَغَائِبَ فِي الرَّغبَةِ ثُمَّ استَجمَعُ نِعَمَ قريةٍ هَبَطَتْ مِنهَا سَيلًا كَالنَّهرِ عَارِفًا مَنبَعَهُ جَاهِلًا خَطوَ مَجرَاهُ قَرَأَ عَلَيهَا أَحلَامَهُ وَتَأَوٍّهَاتِهِ رَأَى إِلَيهَا تَتَهَدهَدُ هُدُوءًا سَيَّالًا عَلَى سَرِيرِ الرَّغبَةِ تُومِئُ سِرٍّا إلَى وَلِيمَةٍ طَاهِرَهْ يَومَهَا _ فَاتَهُ أَن يَقُولَ لهَا ما أَلطَفَكِ ! ما أَجمَلَكِ ! ما أَبهَاكِ ! حَنَّ فَقَط حَنِينًا نَاقِصًا .. مُعَلَّقًا رَبَطَ حَنِينَهُ بِذَيلِ نَجمَةٍ كادَتْ تَسقُطُ قُربَهُ حِينَهَا اعتَرَاهُ خَوفٌ كأنَّهُ _ لأوَّلِ مَرَّةٍ يَكتُبُ رِسَالَةَ حُبٍّ إلَى المِيمِ ظَنًّا مِنهُ أَنَّهُ سَوفَ يَغرَقُ فِي اليَاءْ فَكَّرَ .. قَرَأَ .. تَذَكَّرَ وَحِينَ كادَ يَستَجمِعُ أَفكارَهُ كَثِيرًا ما كانَ يُوَافِيهِ الهَبَاءْ عَادَ .. فَتَّشَ فِي ذَاكِرَتِهِ لَم يَجِدْ سِوَى عَاشِقٍ غَاصَ يَومَهَا فِي هِبَةِ اللَّه فِي بُحُورِ السِّمِيَاءْ وَلَا زَالَ ذَاك العَاشِقَ يَبحَثُ عَن سِرِّ الانتِمَاءْ إِلى التِي رَصَدَتْ هُدُوءَهُ وَالسُّكُونْ ... أَيُّهَا الحُبُّ ! إِفتَحْ جُرحِيَ أَكثَرَ ثُمَّ أَكثَرَ وَسِّعِ الشِقَّ تَرَ لَونَ الأقَاحْ ما حَبَبْتُ أَنَا في الطَّبِيعَةِ إلَّا زَهْرَةَ الأُقحُوانِ وَما رَغِبتُ حُبًّا ما لَمْ تُكَلِّلْهُ جِرَاحْ .. ميشال سعاده هَذَا المَسَاء