دراجتي والحاج ( أصبر )/ بقلم الشاعر علي سلمان

.
دراجتي والحاج ( أصبر )
قال لي أبي
محاولاً ترتيب فراغي
تخفيفَ قلقي:
دراجتك التي سوف أشتريها
أروعُ دراجة يا ولدي
لونها
مِقوَدُها
مقعدُها
دراجتك أجملُ الدراجات.
تفيّأتُ بأغصان فرحي
أغلقتُ البابَ على مشاكستي
روّضتُ رغبتي بملاحقة الأشياء
وأجلستها قربي عصافيرَ طفولتي
ورحتُ بكامل شغفي أنتظر دراجتي
تنقلني من دهشة لدهشة أفكاري
وكنت
كلما رأيت طفلا يشبهني
حدثته عنه
وعدته
بها
أعرته
سعادتي …
وكلما رأيت آخر يلهو بدراجته
حزنت لأجله
وكنت كلما سألت أبي عنها
وعدني
غدًا ستأتي
ألحاج ( أصبر ) سيأتي بها يا ولدي
أحببتُ رجلاً يُدعى الحاج ( أصبر )
أحببته كما أبي
كما دراجتي
متى ستأتي أيها الحاج ( أصبر )
إنتظرتُ
ولم تسقط نقطة ماء على مظلتي
وصبرتُ
حتى بدأ العمر يتسرّب من بين أصابعي
أنا إثنان
يتأرجحان
يقتتلان بين ما سوف يجيء
وبين ما لم يأت
ويشدّ كل منهما إلى حيث يشاء جسدي
ظلّ الحاج( أصبر ) يطرق باب خيالي
يراودني
ظل يعيش ويكبر معي
حتى مات أبي
فانكشف المشهد أمامي
فقط حين مات أبي فهمت
فأبقيت نصفي ورائي ينتظر
ومضيت بنصفي الآخر
أتخبّط
أكبر
قلِقًا بما أحمل
ما من طفل إلاّ واهترأت دراجته
ورماها وراء ظهره
إلا أنتِ يا دراجتي
بقيت كما أنتِ
رائعة
ساحرة
عظيمة
لا وصف يليق بك
لا حدود لجمالك
تمامًا
كما
وعدني
بك
أبي …..




