مشكلتنا ليست مع الحرّية بل مع الذين حُملوا التوراة ثم لم يحملوها
انقطع التيار الكهربائي عن منزلي لانحراف الأسلاك بعضها عن بعض فتشابهت ألوانها على – المصلح أو الإصلاحي – فدعاني إلى الصبر وتحسين حروف العلة لتشتيت ذهني عن أصل الحكاية فوقع عليّ الظلام فقالت لي شمعتي البريئة الطاهرة : ما أشبه الأمر العميق بأؤلئك الذين أبادوا السكان الأصليين في أمريكا الشمالية وأرادوا محو ثقافتهم بقطع شرايين الهوية فاخترع الإعلام أسوأ أشكال التزوير وابتكر قنوات فضائية باسم – الحرّية – لكنّ الإسم لم يكن مطابقاً للمعنى فانكشف الزيف عن زيف أكبر يطال الأفكار والأخلاق كذلك نادى المسلمون من قبل بحرّية المعتقد وحرّية الإختلاف والتفكير وتقرير المصير لكنهم اخترعوا التوظيف السياسي للدين فاغتالوا خلفاءهم وقتلوا أئمتهم وفلاسفتهم وشعراءهم وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل فاجهضوا أحلام الأمة فامتلأت معتقلاتهم بشهداء الرأي وشهداء الإرهاب الديني وشهداء الإرهاب السياسي وتحت هذه العتمة المبرمجة فتحت قلبي لمناجاة الطاهرة وقلت لها بصوت حزين : لن ألعن الظلام لكني أشعر أن الآية المباركة – مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها – قد نزلت لتوها علينا بقسوة جارحة وهي ترى أصحاب الغرائز الدينية والسياسية يلعبون بالتفسير السياسي للقرآن الكريم فيطغى تقديس الأشخاص في شعاراتهم على تقديس المباديء فيسقط الناس الطيبون بخلخلة الوعي في خنادق مفتوحة يقابل بعضها بعضا بزجّ المقدس بالمدنس على إيقاع استحضار اسماء الرموز التاريخية المضيئة وإسقاطها على مشهد مغاير ومختلف يكاد يئن من فظاظة التمثيل والتشبيه كما لو أنّ عقم المعرفة لم يترك لنا سوى هذا الغلو وهذه الكراهية فيما شيرين أبو عاقلة شهيدة قضيتنا الكبرى تصيح بدمها الطاهر يا سادتي العرب لم أكن كافرة يا سادتي الفصائل كلها هل جفّ النبع الروحي الإسلامي فاختلف المتكلمون باسم السماء أتجوز الرحمة على جثماني أم لا تجوز ……. العلامة الشيخ حسين أحمد شحادة