أدب وفن

رحيل العمر / بقلم الشاعر محمد وهبة

رحيلُ العمرِ

يرحلُ العمرُ
يتلاشى..
كلحظةِ الغروبِ
كغوصِ الشمسِ
يبتعدُ شيئاً فشيئاً
كالسّفنِ المهاجرةِ
يذوبُ نحو الظلامِ
كملحِ البحرِ
يذوبُ ويذوبُ
ثم يختفي
كأنهُ فصلٌ وينتهي
كأنهُ خمرٌ
يُثملُ أوقاتَنا
يخدرُ أيامَنا
ثم يخطفُها
يتعاركُ وفكرَنا
يرقدُ في عمقِنا
كلَّ اليوم يهدّدُنا
يُخيفُنا ويُرعبُنا
ليس من الرحيلِ
بحدِّ ذاتِه
بل من الفراقِ
وفقدِ الأحبّةِ
وإدمانِ الحياةِ
الفراقُ موتٌ
الفراقُ ألمٌ
الفراقُ ليس
عن نعمةِ الرؤى
ولا عن مسافةِ البعدِ
بل طمسُ وجودٍ
فناءٌ تغلّبَ
على عتمةِ الليلِ
في ظلامهِ
مجهولُ العنوانِ والمكانِ
يفصلُنا عمّن نُحبُّ
يفصلُنا عن بلدِنا وبيتِنا
عن أهلِنا ووردِنا
عن هوائِنا
حتى عن وجعِنا يفصلُنا
رحيلٌ لا فهرسٌ فيه
ولا عناوينُ
كيانٌ مظلمٌ
لغةٌ زئبقيةٌ
لا تتضمّنُها حروفٌ
ولا تحكمُها قواعدُ
نرحلُ ببساطةٍ
حتى في خيالِنا
لا يبقى مُحبٌّ أو عزيزٌ
تموتُ الذاكرةُ
ويموتُ الحلمُ
ونرحلُ إلى الفناءِ المجهولِ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى