ومن اين نأتي بتأشيرة للدخول الى الحب …بقلم الأديب كميل حمادة

ومن اين نأتي بتأشيرة للدخول الى الحب[إمّا اردنا] ؟
من السهل جداً بأن ندخل الحب..أن يسقط القلب في فخ أنثى الصنوبر او فخ بنتِ النخيلْ:
سيكفي لندخل في الحب لو نلتقيْ صدفة في الطريق إلى البحر..
-“في كل يوم أجيء الى البحر عند الصباح.. اقول
-تقولين: ايضاً اجيء الى البحر في كل يوم صباحاً وأمشي لأخسر بعضاً من الوزن في عطلتي الجامعية..
-امشي لأخسر بعضاً من الوزن.. اعني من الحزن.. كيف اذاً لم نصادف ظلال خطانا معاً فوق هذا الرصيف الطويل الطويلْ؟!
ويكفي لنغرق بالحب ايُّ اكتشاف بسيط لمشترك بيننا.. مثلاً ان نكون كلانا مواليدَ برج الحمام الغريب الطبائع…. أو ان تكون الصفات التي نتميز فيها بأنيَ قاسٍ كشوك الجبال.. وهشٌّ كليلكة في الشتاء.. وانت كذلك.. انّ انفصاماً نعانيه يدفعنا للبكاء بلا اي حزن ..أو دونما سبب واضح للبكاء.. وأنّا نصاب بحمّى المشاعر في حضرة الأزرق اللانهائيّ.. انّا نعاني كثيراً مع النوم [نأخذ اقراصه مثل حلوى الطفولة لكنها دون طعمٍ] .. و أنّا اجتماعٌ مريبٌ لكلّ التشابيه.. كل التناقض.. انّا افتراق الصدى والهديلْ..
ويكفي لأن نتعثّر بالحب أن يقذف الشعر فينا تعاويذه الزرق.. يجمعَنا في الأماسي السخيفة.. (فيها الكثير من “الشعراء” وفيها القليل من الشعر) .. نهرب.. ثم نعدّ لأمسية تحتوينا في كلام الشموع.. وحيدين فيها.. وحيدين فيها.. وأقرأ :طفلُ الصداع الاخير انا يا حبيبةُ.. اقرأ :انت القصيدةُ انت البعيدة.. اقرأ آخر ما يحلم الشعر بالشعر:احلم فيك.. بك.. مع يديك.. وتسقط كل الحروف التي جرّت القلب نحو المسافة والبعد والسفر المستحيلِ.. وانت تقولين :قل لي متى سوف يسعفني الليل أن يفتح السهلَ ما بين كفّيه او ان يخفف أحلامه عله يهدأ النهد/نهديَْ قليلا.. لكي استريح من الليل والعسل المالح الحامض المتعدد فيه.. أيا انت
كيف تغادر ليلي انا أحتجت كفيك هذا المساء سريرا لعلّي أنام.. فبي وحدةٌ تخطف الآن انفاسَ روحي.. ولست هناك لتقرضني شفةً قبلةً.. وترجعني قبل عامين.. تذكر؟ من قبل عامين نمتُ مليّاً.. وكان سريري من البحر والحبر والليلك الليلكيّ الشهيّ..وكانت ذراعاك احلى وسائد روحي.. وكنا نطرز ليل التوحد بالبحر والشعر والجسد-الزنجبيلْ.. .
وقد ندخل الحب كي ندخل الحب.. عدوى هو الحب كالمرض الموسميّ.. و ندخله كي نعاني عوارضه المخملية.. نأوي اليه لكي لا يفوت القطار الأخير حقائبنا حين ننوي الرحيل الى بلد كي نجرّب أحلامنا في الحياة.. وكي لا نحسّ بنقصٍ خجول اذا اجتمع الأصدقاء وباحوا بأوجاعهم في الغرام ونحن السكوتٌ العقيمٌ.. ونحن الفراغ الذليلْ..
وقد ندخل الحب من اجل تلويحة في الحديقة.. كنتِ تمرين بين الشجيرات وهي تفرفط اوراق فصل الحنين على مقعدٍ لم يُزر منذ طفلين او منذ عِقد من الياسمين اصيب بداء الذبول وداء الذهول اذا امرأة أوقعته وداست عليه وغابت هنا خلف حزن الوجوه.. لتقفل من خلفها الباب.. باب الهوى والرحيلْ..
وقد يسقط القلب في الحب من بعد ما يسقط الوعي في “البيبلو مانيا”.. [مرض يشبه الانفصام..يعاني المريضون من هوسٍ لا يُحدّ برائحة المكتبات و بالورق الرطب بالحبر..] ننسلّ في آخر الليل للحانة الورقية نسكر بالحبر.. او نتبادل اطراف اعيننا بالكلام ونعتلّ بالشعر او بالروايات.. تحكين عن “عابر (ك) السرير” وأحكي ” يليق بك الأسود المخمليّ” لنقرأْ سوياً
” قصّة حب مجوسيّة” او نتحادث عن” صاحب الظل-ذاك- الطويلْ”..
ربما ندخل الحب من دون اذنٍ: يتامى. أُسارى.. وحيدين .. أو عابرين فرادى على ثلج هذا السبيلْ. .
من السهل جداً – يقول المجرّب- ان ندخل الحب..
لكننا كيف نأتي بتأشيرة للخروج من الحب؟…يحتار هذا المحبُّ القتيل…