حديث جنديّ إلى أمّ أسير محرّر/ بقلم الشاعر أنور الخطيب

حديث جنديّ إلى أمّ أسير محرّر
….
ابتعدي عنه أيتها “الحيوانة البشرية” الحنونة جدا
أنت تحضنينه كما لو أنّك تلدينه من جديد
كما لو أنّك أنجبته الآن
وتتلذّذين بعينيه العسليتين
وتقبّلين جبينه ويديه كأنه نبيّ
وتشمين رائحة السجن في ثيابه
كما لو أنها رائحة الجنّة
قبل الإفراج عنه ضربته بكل قواي
تمنّيت أن يبكي
كدت اتوسّل إليه كي يصرخ أو يموء أو يثغو
كان يبتسم ويقول: كلما ضربتي أكثر أطير أكثر
وأسأله: إلى أين ستطير ايها الوحش الصغير
فيقول: إلى أمّي
فشتمت أمه، شتمتك
كاد يبكي لكنه رمقني كشّر عن أنيابه
ثم ….
وانت انت أيها الأب، سأعتقلك قبل أن تعانقه
حان وقت الصلاة فاذهب وتوضأ
وأطل في الوضوء
أطل أكثر مما يجب
ومت وانت تصلي
مت مرّتين وأنت تصلي
سأعيد هذا “الحيوان البشري” إلى السجن ثانية
لا أحتمل هذا العناق
لا أحتمل
أيتها “الحيوانات البشرية” الحنونة
أحنّ من أمّي
وهي تودّعني قبل الذهاب إلى المعركة
أنور الخطيب