أدب وفن

خيبة الغدر …ونشوة المغدور / قصة قصيرة

كانت الشمس لم تزل مترددة، و الغيم الذي ملأ السماء ساعدها على المواربة، تطل ثم لا تلبث أن تتوارى و كأنها تلعب الغميضة مع كوكب الأرض . لكن سهام كانت في كوكب آخر ،كانت تلعب غميضة من نوع آخر ،بينها و بين نفسها ، تحاول أن تبتلع ذاك الليل الطويل ،فتلوكه مرارا وتكرارا دون جدوى …ثم احست بقوة تفوق طاقتها على الاحتمال ، تدفعها الى التقيؤ…حبذا لو تقدر أن تتقيأ هذا الليل الذي مضى ، مع أكبر كذبة في حياتها شربتها حتى الثمالة …
كان زوجها قد عاد مساء حاملا لها الورود و الشموع و قارورة العطر المفضلة لديها ، و على غير العادة يبدو مبالغا في احتفاليته بعيد زواجهما العاشر كأن الزوج عندما يخون ،يدفعه الشعور بالذنب إلى اغداق زوجته بالهدايا و المعاملة الجيدة كتكفير عن ذنبه و تعويض عما فعله وراء ظهرها …
الصديقة و الزوج…وهي الزوجة المخدوعة …!!! الطعنة في الظهر ،أشد إيلاما….تكون ، عندما تأتي ممن نحبهم….!!!
اليوم التالي وهي في طريقها إلى العمل على طول الرصيف ثمة مقاعد للمشاة المتعبين ،جلست على المقعد، أخذت نفسا عميقا، و فكرت مليا في الأمر، و قالت لن استسلم، بل سأنقذ هذا الزواج، قصدت الباتيسري الأقرب و ابتاعت قالب حلوى و اكملت تشق طريقها و كأنها ذاهبة الى ساحة الحرب …لكنها غربلت جنون غضبها و حولته إلى تصميم و إرادة
سوف تذهب اليوم الى عملها و ستجلس وراء مكتبها، و ستكون المرأة التي كانت يوما صديقتها وراء المكتب المقابل .
كيف ستنظر في عينيها، ماذا ستقول لها …؟!؟!
في طريقها أحست أن صراخا مكتوما ينهش روحها، تحاول ابتلاعه، فالكون كله أضيق من أن يسعه .
وصلت إلى مكتبها و نادت زملاءها لكي يأكلوا الحلوى نخب المناسبة ،و وجهت إلى صديقتها نفسها دعوة لتقول كلمة تحفظها كذكرى منها، قامت الصديقة و هي ترتجف و قالت بعض الكلمات بصوت متهدج، قاومت انفعالها مرارا و لكن دون جدوى …
هنا …و في اللحظة المناسبة قالت لها ،لو تعلمي ماذا اهداني زوجي في عيدنا…اهداني شيئا ثمينا و صادقا …اهداني اعترافا انه ارتكب في حقي غلطة و طلب مني أن أغفر له …ولكن لم يقل لي ما هي هذه الغلطة ، اتكهن انه وقع تحت الإغراء، و ارتكب نزوة مع عابرة سرير، و انا اعلم ان الرجل ضعيف أمام الإغراء، اما انا فعابرة الحياة كلها…
طأطأت رأسها، الصديقة، و بدأت بأكل قطعة الحلوى، وكأنها تأكل مرارة الخيبة ….ربما لم تزل إلى الآن لا تجرؤ أن ترفع نظرها من الأرض ….!!!

سمية تكجي/ شاعرة و قاصّة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى