همسة

في يوم خريفي …بقلم الكاتبة ريما بورجاس

في يوم خريفي

تمالكت نفسها طويلاً, تشبثت بموضعها تتفقد ولآخر مرة أنامل الشمس

التي ستلمسها وتبعث فيها البهجة قبل الوداع وبأناقتها المعهودة كانت تنتظر

لم يفاجئها الفجر وطلّة سيدتها الشمس التي أشرقت لتباركها.

نظرت اليها لآخر مرة مستمتعة بلمساتها, استمدت منها قوتها وأسلمت نفسها لنسمة هاربة أصرت أن تمر بها وتنقلها بأمان وتودعها في أحضان أمها الأرض بهدوء .

كانت مطمئنة,تنظر لأخواتها,تودعهن بابتسامة هادئة,تتمايل بخفة وترقص.

تتمايل على صوت الريح التي كانت تعزف بمتعة وتحرك الأوراق على الأغصان

بانسجام تام وكأن الطبيعة تقيم لها حفل وداع مهيب وهادئ

وهناك ينشدون جميعا لآخر مرة لحن الحياة

ما كادت تقترب حتى فتنتها رائحة أمها وبدأت مراحل حياتها تتوالى صوراً منمقة في اطارات ملونة أمام عينيها.

تروي ولادتها على ذلك الغصن مع أخواتها كيف كن يتقاسمن رغد العيش, يتزين بأزهار اللوز الأبيض ويرقصن في حفلات الطبيعة وفي كل مرة يزورهم فيها طير الدوري ويرنم.

ذلك الطير كان حبيبها,يزورها كلما سمحت له السماء ليطربها ويتقاسم معها الحب, معارف وحكم الحياة

والبارحة قد ودّعها بحرقة ليرافق أترابه الى سماء أخرى ولا يعرف متى موعد العودة اليها.

لم تشعر بالوقت الا وقد وصلت الى موطنها تتمتم بسعادة فائقة:

-”كلها ذكريات جميلة يا أمي ,كأنها كانت فقط البارحة.”

اليوم عدت اليك يا من أعطيتني من مائك ,وقوتك لأنمو ورعيتني…عدت لأكون من جديد جزءاً منك ,لأسكن في قلبك ,لألبي واجبي فأتماهى بك وأمهد الدرب لاخوتي من بعدي .

ويوم يأتي الربيع ويعود حبيبي ليغرد ويطربني ,يحملني معه بين جناحيه ويذريني كغبار الأحلام فوق تلك المروج,يومها فقط سيطمئن قلبي وأرقد بسلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى