“تخطيط القلب السليم لا ينفي وجود مرض قلبي”/ بقلم الدكتور طلال حمود
“تخطيط القلب السليم لا ينفي وجود مرض قلبي”:
١-مقدمة : وفق احصائيات وزارة الصحة الكويتية، فان أمراض القلب هي سبب %40 من الوفيات محليا، مما يجعلها تحتل المرتبة الاولى في قائمة الأمراض المميتة.
وتنقسم أمراض القلب الى مجموعة كبيرة من الاعتلالات، بيد أن اكثرها انتشارا هو اعتلال شرايين القلب الاكليلية وتضيقها والجلطة القلبية. واوضح د. طلال الكزبري، اختصاصي امراض القلب في مركز فوزية السلطان للتأهيل الصحي، قائلا «في السابق، كان خطر الاصابة بأمراض القلب يزداد مع تقدم العمر ويصبح أكثر احتمالا بلوغ الرجل عمر 45 سنة والسيدة عمر 55 سنة. لكنها حاليا اصبحت من الامراض التي تنتشر في سن أصغر، حيث تشيع بين الرجال في عمر 40 عاما والنساء في عمر 50.
ويرجع ذلك الى اختلاف اسلوب الحياة وزيادة عوامل الخطر». بشكل عام، سبب اعتلال شرايين القلب الاكليلية (التي تغذي عضلة القلب) هو الاصابة بتصلب الشرايين الذي هو عبارة عن ترسب الدهون (زيادة نسبة الكوليسترول الضار في الدم). مما يؤدي الى تكلس وتغيرات التهابية في جدران الاوعية، وتكون البلاك او شريحة يزداد سمكها مع الوقت لتسبب تضيق الشريان وصعوبة مرور الدم.
ويرافق هذا التضيق ظهور اعراض مثل :
صعوبة التنفس والاختناق وآلام الصدر وغيرها من أعراض.
٢- تأثير العامل الوراثي : اثبت العلم ارتباط بعض الجينات التي تورث بين افراد بعض العائلات مع زيادة فرصة إصابتهم بأمراض القلب الوعائية حتى في سن مبكرة. فهذه الجينات تزيد قابلية الاصابة بارتفاع الكوليسترول، وبالتالي ترسبه في الاوعية الدموية وتصلب الشرايين. واذا لم يتم تشخيص هذه الحالة مبكرا وعلاجها، فمن الوارد ان تؤدي الى تضيق شرايين القلب ومضاعفات خطرة قد تؤدي الى الوفاة في سن مبكرة. لذا، ينصح افراد الاسرة التي يتكرر فيها اصابة الافراد بأمراض القلب والجلطات ان يخضعوا للفحص الدوري منذ سن مبكرة (من سن الثلاثينات) حتى يكتشفوا وجود اي خلل في معدل دهون الدم او مشاكل قلبية.
٣-أدوات التشخيص : وهي تشمل :
أ- تاريخ المريض الصحي والعائلي (وجود اصابات بأمراض القلب والشرايين في العائلة).
ب- الفحص السريري وفحص سماعة الاذن ثم تخطيط القلب الكهربائي. واشار د. طلال الى أهمية الانتباه الى أعراض المريض وما يشكو منه. وقال «من الممكن ان تكون نتيجة تخطيط القلب طبيعية، لكن ذلك لا ينفي الاصابة بمشكلة قلبية، خصوصا لو كان المريض يشكو من الم في الصدر عند بذل مجهود او صعوبة التنفس. ففي هذه الحالة يجب اجراء فحوصات متقدمة».
ج- سونار القلب (إيكو القلب). يعطي معلومات عن صحة عضلة القلب والصمامات مثل حجمها ووظيفتها. وقد تكشف عن وجود اضطرابات تمنع خضوع المريض لفحص مجهود القلب مما يفسر افضلية الخضوع لتصوير القلب بالسونار، قبل اجراء فحوصات متقدمة للمريض لأنه قد لا يتحملها ان كان لديه بعض الحالات المرضية الشديدة. – فحص مجهود القلب للكشف عن وجود نقص في تروية القلب.
د- قسطرة القلب. إذا اكتشف وجود نقص في تروية القلب فالخطوة القادمة هي تشخيص مصدره (ضيق الشرايين) وعلاجه اذا امكن. فخلال القسطرة يقوم الطبيب بحقن مادة الصبغة في شرايين القلب حتى يحدد الشرايين الضيقة والسليمة. وبعد اكتشاف وجود ضيق سيقوم بتحديد عدد التضيقات ودرجة التضيق بالضبط. وإن كان تضيق الشريان يقل عن نسبة %70 فيعالج من خلال الادوية فقط. أما لو كان تضيق الشريان شديدا (%70 وأكثر) فيعالج من خلال تقنية البالون والنفخ ثم تركيب الدعامة.
ه- التصوير بالأشعة المقطعية مفيد للتشخيص السريع والمبدئي لتقييم صحة القلب والشرايين. لكن دقته لا تصل الى كفاءة فحص القسطرة. فهو مفيد للحالات التي تكون اعراضها غير واضحة، خاصة في فئة الشباب لكونها فحصا غير تداخلي ويوفر معلومات مبدئية عن وجود تضيق في شرايين القلب من دون تحديد درجته بدقة. ولا يمكن الاكتفاء بهذا الفحص التصويري إن اكتشف وجود تضيق في الشرايين، بل يجب ان يتبعه اجراء قسطرة للقلب.
و-فحص معدل الكالسيوم calcium score هو عبارة عن فحص بالأشعة المقطعية يكشف وجود الكالسيوم في جدار الشرايين، وبالتالي نسبة تكلس الشريان وتصلبه. ويعتبر هذا الفحص وسيلة تشخيص سريعة ومبدئية، ولكنها ليست دقيقة في تشخيص تضيق الشرايين.
٤-أعراض نقص تروية عضلة القلب من أهم الاعراض التي تشير الى الاصابة بتضيق شرايين القلب (نقص تروية القلب) هي:
صعوبة التنفس وألم في الصدر ينتشر الى الكتف والذرع اليسرى. ويمكن ان ينتشر الالم الى أماكن اخرى مثل الطرف الايمن والظهر والرقبة والفك السفلي. ولا بد من ان ينتبه المريض ومن حوله الى هذه الاعراض الخطرة، خاصة لو ظهرت فجأة حتى يسرع بالذهاب الى غرف الطوارئ.
واحيانا لا يشكو المريض من اعراض واضحة بل من الشعور بثقل على الصدر عند بذل الجهد والحركة.
٥-العلاج يعتمد العلاج على درجة الضيق وعدد الشرايين المتضيقة، ويمكن تقسيمه الى:
أ- العلاج بالقسطرة: تعالج القسطرة الشرايين التي وصلت درجة تضيقها الى %70 وأكبر وذلك عبر استخدام البالون وتركيب الدعامة.
ب- العلاج الجراحي: عند اكتشاف وجود عدة تضيقات شريانية، فقد اكدت الدراسات افضلية علاجها بالتدخل الجراحي. وهذا هو وضع مرضى السكري الذين تظهر القسطرة اصابتهم بعدة تضيقات في شرايين القلب. فالجراحة تكون اكثر فائدة لهؤلاء على المدى البعيد، وبشكل يفوق استخدام تقنية البالون وتركيب الدعامة. وخلال التدخل الجراحي قد يستخدم الجراح أوعية دموية من الطرف السفلي (الفخذ عادة) ليزرعها كبديل للشريان المعتل. لكن الافضل وفق الدراسات، هو استعمال شريان الثدي الباطن ووصله بشرايين القلب الاكليلية لان ديمومته افضل (تصل الى 20 سنة) مقارنة بأوعية الفخذ.
ج- العلاج الدوائي يستخدم لعلاج تضيق الشريان الاقل من %70. وهناك عدة انواع من الادوية والهدف من استخدامها هو تقليل حاجة القلب للأوكسجين مع زيادة قدرة شرايين القلب على تمرير الدم وايصال الاوكسجين. لذا، فالأدوية لا تشفي من التضيق بل تخفف وتخفي اعراضه من خلال تروية القلب بشكل مناسب وجيد. ومن أنواعها:
١- محبطات بيتا: أدوية تبطئ سرعة نبض وانقباض عضلة القلب وبذلك تقلل حاجته للأوكسجين.
٢ – محبطات قنوات الكالسيوم: أدوية توسع الشرايين حتى يزداد مرور الدم وايصال الاوكسجين لعضلة القلب.
٣- مميعات الدم ومن أكثرها شيوعا عقار الأسبرين.
د -علاج جميع عوامل الخطر لتحسين صحة الجسم والقلب. فيجب علاج جميع الامراض التي تهدد صحة القلب والسيطرة عليها، مثل مرض ارتفاع ضغط الدم والسكري وتصلب الشرايين والسمنة. واضاف الدكتور طلال قائلا «لا يكفي العلاج الدوائي لوحده لحماية حياة المريض، فلا بد من ان يرافقه تحسن في أسلوب الحياة من خلال اتباع تغذية صحية وفقد الوزن الزائد وممارسة الرياضة المناسبة والابتعاد عن التدخين والمدخنين. كما يجب الحرص على تناول العلاج الذي يصفه الطبيب وفق الخطة العلاجية طوال العمر للوقاية من حدوث مضاعفات قلبية خطرة. ولا تغفل هنا أهمية المراجعة الدورية لتقييم الحالة المرضية وتحديد العلاج المناسب لكل مرحلة».
تعديل وتنقيح : د طلال حمود