بيروت جمهورية الكتاب
بيروت جمهورية الكتاب –
د. صباح محسن كاظم /ناقد و مؤرخ
بيروت عروس الشرق، سويسرا العرب، تغتال بليلة زفافها ..سلاماً لشعب لبنان ..واحزناه.. وافجعتاه .. وأسفاه تحترق أجمل مدن العالم ..ويفجع أنبل ..وأجمل شعوب الأرض بتلك المأساة .. الجنان لشهداء الإنفجار.. الشفاء للجرحى ..والله يعوّض من تهدمت وإحترقت وتضررت داره، وأسواقه، وعماراته .وجميع ممتلكاته ومقتنياته . لنتعلم تخزين المواد الحارقة، والمدمرة ،والأسلحة بخارج المدن .ولِنحذر من الأعداء “الصهاينة “بيدهم فتيل إشعال الحرائق بأي دولة عربية ترغب إسرائيل بتدميرها إقتصادياً وحربياً تفعل ذلك بمكر للرضوخ الإلزامي لصفقة القرن. لنتضامن أولاً : ولِنحلل لاحقاً وحدتنا قوة وقوتنا بالوحدة ..ثُلم القلب بهذا الإغتيال المروّع، هوّل الصدمة أشعر به هنا ببيتيّ بالناصرية لمحبتيّ للشعب الأجمل الذي أحببته من الستينيات لليوم.. من القراءات الأولى لمبدعيه ،والإضاءات الأولى للوعيّ والجمال، لليوم بالدراسات العليا والإستفادة من نوابغه العلمية ومفكريّه..من رقة وعذوبة صوت فيروزالمتفرد بالوجود عشقنا لبنان ..ومن زياراتهم بالسبعينيات للعراق كنا ننظر لنظافة وأناقة هؤلاء الذين يتميزوا عن كل القادمين بحسن تنظيمهم وحلاوة لسانهم ..ماذا أكتب عن شعب عشت معه من 7 أعوام بزيارات متتالية ، ودراسية لبيروت ، حضرت مع أجمل المبدعين وعياً ،وأرق المبدعات عطاءً ..يحلو لي أطلق تسميتي علي بيروت ولبنان:( جمهورية الكتاب ) .
أينما تتوجه ثمة دور للنشر ..والمكتبات ..وعبق وأريج وعطر الكتاب في قبلة الثقافة والتنويرالعربيّ..سوق عكاظ العربيّ يفترش المثقف المقموع بأي قطر الأرصفة بالحمراء..ومنتديتها ..وأماسيها ..ومهرجاناتها ..وصحافتها ..وفضائياتها تتداول هموم الإبداع ، والأنس بالجمال الفكريّ ، ولعرض بضاعة النتاج والمنجز لكل المبدعين بالوطن العربيّ بالسينما ،والمسرح، والتشكيل ،ونوادي الجدل ،والحوار الضاجه يومياً ، بيروت الشعر ،والغناء ،والموسيقى ،والمحبة الجامعة للعرب .بكل شارع معهم لي حكاية، وبكل زقاق ،ومدينة ..من عكار الشمال إلى بوابة فاطمة كانت لنا جولة إسبوعية سياحية طوال ما أمضيته بين ربوعها الغنّاء الخضراء ..لبنان البلد الأجمل بكتابي أدب الرحلات العربية لطيبة شعبه التي لاتصفها الكلمات كطيبة شعب مصر ،وتونس، وسلطنة عُمان وغيرها من مدننا المزدانة بالجمال بالمغرب والمشرق ..الإنفجار ليس بالمرفأ بل تدمير لقلب العرب . مخططات تدمير عملته ..وإقتصاده ..وتجويعه ..وحصاره..وإحراقه ..وتدمير مؤسساته ..وإضعافه ..بخلق التوترات السياسية بين جميع القوى للتمكن من النفاذ الدولي كما حصل بالحرب الأهلية ..
لأن بيروتنا ولبناننا كعراقنا نخشى اللبننة بكل منطقتنا العربية ..وككلل جزء بأمتنا إن أصيب ،ومرض ،وإحترق نشعر بألمه كألمنا.. لبنان بجمال يوسف وحزن أبيه وخيانة إخوته.. لبنان عبق التأريخ والمجد المقاوم لكل غزو بكل تأريخه المُشرف كم تحطمت أحلام الغزاة بصخرة صمود جباله وسهوله ..لبنان حلقة الوصل بين الشرق والغرب أهل لبنان :
هؤلاء فخريّ يعيشوّن بوجدانيّ وبضميري ّ مايصيبهم يصبينيّ أحببتهم بكلِّ طوائِفهم ، ومعتقداتِهم ، ورؤاهم .. بيروت : مدينة جامعة للعرب،وللإنسانية ..مدينة العشق ..والفن ..والثقافة ..والكتاب ..والمقاهي ..مدينة مبتهجة آناء الليل وأطراف النهار .. مدينة لانظير لها بكل العالم .. لا لن تموت ..
تحية لشعبِ يحبُ الحياة، شعب صوته موسيقى، قلوبهم عبق الورد. أقول : لاتهنوا ولاتحزنوا قلوب وعقول البشرية تواسيكم بتلك الفجائع المريرة وكارثة الكوارث.. جنبكم الله فساد الحكام اللصوص .. لاتجعلوا من غضبكم يصيبكم بالضرر.حافظوا على الوطن الأجمل .كفى العرب، والأحرار بالعالم فخراً بلبنان وقد حطم إسطورة الكيان الصهيوني بطرده ذليلاً مهاناً من أرض الأرز فقد عجز العرب جميعاً عن التصدي لهم بكل حروب القرن ..
يالبناننا : رغم تفاقم المأساة من منتصف السبعينيات ..لإنفجار المرفأ تأبى المحن أن تنجلي غبرتها لتعيشوا بما يليق بطيبتكم وثقافتكم !؟ لكن لنا اليقين يا لبنان بإرادة شعبك سيشمخ مجدداً بصموده كعنفوان جباله ،وإسطورة جنوبه، ويتجاوز محنه وأزماته بأسرع وقت ممكن .. رسالتي للأخوة اللبنانيين :
قلوبنا ثلمت بهذا الإنفجار المروّع ..شاهدتم تعاطف الشعوب معكم .. السؤال الجوهريّ والبنيويّ لماذا يُستهدف لبناننا !؟ الإجابة : ضوء الحقيقة ..الحقد على لبنان للأسباب التالية : لجمالكم لأنكم القنديل المضيء بالشرق الأوسط أنتم مركز التنوير العربي ّ،والشرق عموماً ، يرغبوا بإطفاء هذا السراج ، لأنكم العقل بجسد العرب.. بالجانب الثقافي ّ،والتنويريّ، والحضاريّ ، والتجاري ّ، والسياسيّ .. لأن لبنان شعلة الحريّة في المنطقة العربية ..كعبة العلماء، والأدباء، وجميع الفنانين والمبدعين .. فخرالإبداع بالشرق من المسيحيين اللبنانين ، رموز الأدب العربي من المغتربين المسيحيين اللبنانين هم الجسر بين الشرق والغرب و أنتم أيها الأحبة سدنة العطاء الثقافي .. كذلك عنوان الوحدة والإنتصار العربي بشيعة لبنان وجميع المصلحين ، والمفكرين بالأمة من جبل عامل ،كل الأسر العلمية الشريفة من حواضن الجنوب المقدس وبيوتاته العلميّة رموز الكفاح والمقاومة وطرد الصهاينة . الأحبة علماء السنة ،والدروز ، وكل الطوائف اللبنانية ..هم رجال الفكر ، والعلم ،والوحدة، والأخوة بلبنان .. لأنكم مركز المقاومة بطوال أحداث التاريخ من (ق- ب الميلاد) لليوم ..حطمتم كل الغزاة بصخرة صمودكم الإسطوريّ لكل الطامعين بلبنان ،درست مراحل تأريخ لبنان بالجامعة الإسلامية الدكتور نافذ الأحمرونخبة من المفكرين الأفذاذ بتاريخ لبنان كم عانى هذا الشعب الويلات من قبل التاريخ لتاريخ لبنان المعاصر.. والهجمات على سواحله من الفينيقيين والآشوريين والإسكندر والآشوريين والعثمانيين والفرنسيين ..حاولوا تدمير مدنه .. بكل الغزوات ضد الشام بالحروب الصليبية التدميرية..والسيطرة العثمانية ونهب ثرواته الزراعية لتمويل الجيش العثماني ..والحملات الفرنسية إلى الإستقلال .. وحروب القرن الصهيونية التي أوجعت لبنان.. وطن الحضارات لايخشى عليه رغم المحن ..أقمتم أعظم الحضارات وأعرقها : بعلبك شاهدة التأريخ -صور عنفوان البشرية ، صيدا التي تصدت لكل الهجمات الشرسة بالتاريخ وبقيت شامخة تسر الناظر والزائر .. حجم الحقد عليكم لأن إسطورة اليهود مرغتوها بالوحل وأخرجتموهم أذلاء بعد وعد بلفور وسياكس بيكو لقرن العرب تحت هيمنة اليهود ..لكنكم أذقتوهم الهزيمة الأولى بطردهم من بيروت والجنوب الصامد الصابر .. لأنكم تقاسمتم الرغيف مع الفلسطينيين المشردين من أرضهم ..لأنكم وقفتم مع سوريا بمحنتها ونصف شعبها يعيش معكم على مائدة واحدة ..تقاسمتم الألم معهم كما فعلتوها مع الفلسطينيين من عام 1948 لليوم …لأنكم آويتم كل الذين هربوا بجلودهم من بطش هدام البعث بالعراق طوال 35 عاماً كنتم الدولة الوحيدة التي تحترم جميع اللاجئين الفارين من الإستبداد . الحقد الصحراوي لجفاف عقول من يتآمر على وحدتكم من الوهابي والصهيوني بمظلة أمريكية على جمال وطنكم ،ووحدتكم ..حفظكم الله من كل كيّد ..وسوء .لم يكتفوا بالحصار إنتقلوا لآلة الدمار تعساً للعقل الصهيوني ..تعساً لكل سياسيّ فاسد ..ولكل غادر..لي يقين كقاريء وباحث بالتأريخ إنكم كالعنقاء تخرج من رمادها ..حافظوا على وحدتكم فالدين لله والوطن للجميع ..الحذر من حرق الوطن والضرر بمؤسساته ووزاراته . الجنان للشهداء والشفاء للجرحى فجر الحرية هو الأبهى المستقبل المُشرق والزاهر لشعب لبنان الجميل والصابر ،ولأمتنا السلام والوئام .