بيان سماحة العلامة الشيخ حسين أحمد شحادة أمين عام ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار
تمرّ علينا ذكرى المولد النبوي الشريف مولد نبي الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم في منعطف تاريخي مظلم يستفزّ من جديد مخاوف الغرب من الإسلام ومخاوف الإسلام من الغرب في لحظة نخشى معها أن يتحول الإرهاب العالمي إلى فكرة وتبرير الإحتلال إلى وجهة نظر فيما العالم يتزلزل بين نزعتين إحداهما نزعة تشويه المعنى الجوهري لسلام الأرض وثانيهما نزعة تشويه الأسس الحضارية لمعنى الدين والأخلاق
ومشكلتنا اليوم مع خطاب الرئيس الفرنسي ورسوماته المسيئة ليست في مبدأ الحرية بل في تشويه معناها واستغلالها لأغراض لا تمت الى الثورة الفرنسية بأية صلة
فالحرية شيء وتفجير الأحقاد شيء آخر
ولعل أخطر ما يمرّ به المجتمع الدولي هو هذا التحدي المتصل بأزمة الكراهية بين الأمم والشعوب وتغذيتها العنفية الشرسة في معادلات الصراع السياسي ونهب الثروات
ولعبة السيطرة على هذا الكوكب بالحروب الاستباقية
وبكلمة لا يمكن مواجهة هذا التحدي إلا بتصحيح صورنا النمطية وذلك بردّ الإعتبار لمفهوم التعارف وتأصيل معنى أن تكون الكلمة سواء بيننا ليكون الحوار الحضاري حواراً للتبادل المعرفي والتكامل الحضاري بعيدا عن خطاب الإستعلاء والإستكبار وذهنية صدام الحضارات
ومن دون هذا العقل الذي يربط المبادئ الجميلة بأهدافها
الإنسانية الجميلة فإنّ هذا العالم المتحضر ذاهب إلى كارثة
ما أحوجنا إلى لغة إنسانية تدرك أن السقوط في اللامعنى والإنجرار إلى مستنقعات السفهاء والحمقى تحت شعار الحرية هو من أخطر قضايا الوجود والمصير الانساني
المرهون بالأخلاق
هذه الأخلاق هي العنوان الأبرز لرسالتنا الأسلامية السمحة التي قدمت للعالم – من قبل تسفيه صورتها – نموذجاً مضيئاً للتسامح بوعي قرآني أنهى عصور تشويه الأديان وتزوير القيم ومصادرة التجسيد الحقيقي لحقوق الإنسان وفِي مقدمها حق الحرية التي أرساها خاتم الإنبياء محمد على قاعدة التوازن بين الحق والواجب بين حق الفرد وحق المجتمع
ذلك ان الحرية من منظور قرأني ترتبط بغايات نبيلة تحمي الحرية نفسها من خطر السقوط في عتمة البغي والظلم والجهل والطغيان بملاحظة ان الحرية المجردة من هدف الوصول الى معاني الحق والخير والجمال ستنتهي بالتأكيد إلى وأد ذاتها وانتحارها حضارياً وسياسياً