قصة قصيرة …من ترجمة واختيار الكاتب سليم محمد غضبان -فلسطين
الشيطانُ و اللآلئُ الثلاث
قصّةٌ قصيرةٌ بقلم: كريستا نورجود Krista Noergaard
ترجمها عن الدانماركية: سليم محمد غضبان- فلسطين
كان يا ما كان، ثلاثُ فتياتٍ صِغار. و كان لدى كلٍّ منهنَّ لؤلؤةٌ- و كانت لدى هذه اللآلئ خاصيةٌ غريبة. كانَ لها لمَعانٌ أبيضٌ كالحليب، يتغيرُ بينَ آنٍ و آخرَ لألوان مختلفةٍ مبهجةٍ، إذا ما تعرضت لسطوع النورِ عليها.إضافةً لذلكَ، كانت لديها ميّزةٌ عجيبة. فكلما أبدت الفتياتُ المحبّةَ، و كلما اعتنتْ بحبٍ بها، كلما زادتْ بهجةُ اللآلئ.
لم تكن اللآلئُ الثلاثُ متشابهاتٍ، كذلك أيضًا الفتياتُ الثلاثُ. لكنَّ اللآلئ كانت غاليةً جدًا.. و كانت الفتياتُ يعتنينَ جيّدًا بها. و كنَّ إذا ما تلاقينَ يبتسمنَ لبعضهنَّ، و هكذا تصبحُ اللآلئُ أروعَ و أبهى…
لكنَّ الكمالَ للهِ وحده.
كانتْ عينُ الشيطانِ على الفتياتِ. لم يكن راضٍ عن سعادتهنَّ، و لا عن جمالِ و روعةِ اللآلئِ، و التي كانت تصبحُ أجملَ و أروعَ في كلّ مرةٍ تبتسم فيها الفتياتُ.
أخذ الشيطانُ يفكّرُ كيفَ يستطيعُ القضاءَ على هذه المُتعة.أخيرًا خنفرَ الشيطانُ، لقد وجدَها!. إنه سوفَ يسحرُ نفسَه ليصبحَ فتىً جميلَ الشكلِ، و بذلكَ يستطيعُ زيارةَ الفتياتِ. و هكذا كان.
مثلما فكّرَ الشيطانُ فعلَ. إستعدَّ جيّدًا بعد أن سحرَ نفسه. و في صباحٍ جميلٍ، مرَّ بذلكَ البيتِ حيثُ كانت تسكنُ الفتاةُ الأولى.
<<يومٌ جميلٌ أيتها الفتاة الجميلة. ما هذه الطّلةُ الرائعةُ! ليس أروعَ منكِ سوى تلكَ اللؤلؤةُ التي في يدكِ.>>
—نعم، أليسَ كذلك؟ لا شيء يضاهي لؤلؤتي.
قالت الفتاةُ مقهقهةً، فتلألأت اللؤلؤةُ بأبهجِ الألوانِ.
<<أجل، أجل.>> قالَ الشيطانُ الذي بدى كفتى جميل و أنيق.<<الآن أودُّ أن أودعَ سرًا لديكِ.>>
ثم انحنى فَوق الفتاةِ و همس في أُذنها بعض الكلامِ. بدت الفتاةُ غير مصدقةٍ ما تسمعُ، و سألتهُ <<هل هذا صحيحٌ فعلًا؟!>>
<<نعم بالتأكيد، جربي بنفسكِ أن…>> و تلاشى الباقي كتأتأة غير مفهومة.
منذ ذلك اليومِ حدثَ تغيّرٌ مع الفتاةِ الأولى. لم تعد سعيدةً كما كانت قبلًا. و إذا ما قابلت إحدى الفتاتين الأُخرتينِ، لم تعد تردُّ الإبتسامةَ منها بابتسامةٍ مماثلة. كما لم تعد تضحكُ مثلهما. لكنها كانت تنظرُ بتساؤلٍ على اللؤلؤتينِ اللتينِ معهما. و كلما زاد حسدها لهما كلمافقدت لؤلؤتها جمالها. لم تعد تعيرها اهتمامها لإنشغالها بحسدِ الفتاتينِ على لؤلؤتيهما.
لاحظت الفتاتانِ ذلكَ بالطبعِ، لكنهما بقيتا سعيدتينِ تبتسمان لبعض و للفتاةِ الأولى، رغم أنها لم تكن تبادلهما الإبتسامَ و التحية. كانَ ذلكَ شوكةً في عينِ الشيطانِ، و لذلكَ أرادَ تكرارَ نجاحه . سحرَ نفسه إلى فتىً جميلٍ و قامَ بزيارةِ الفتاةِ الصغيرةِ الثانية.
<< يومٌ جميلٌ أيتها الفتاةُ، ما أجملكِ! و ما أجملَ اللؤلؤةُ التي في يدكِ.>>
<<نعم أليسَ كذلك؟ لا شيء يشبهُ لؤلؤتي>> قالت الفتاةُ مقهقهةً، ثم أخذت اللؤلؤةُ في اللمعانِ و التوهجِ بأجملِ الألوانِ.
<< أجل، عزيزتي>> قالها الشيطانُ الذي بدى صبيًّا جميلًا. ثمَّ تابعَ، <<لديَّ سرٌّ أودُّ أن أودعكِ إيّاه.>>
و هكذا انحنى الشيطانُ فَوق الفتاةِ و همسَ شيئًا في أذُنِها. بدت الفتاةُ غيرَ مُصدّقةٍ لما سمعت وسألته: << أحقًّا ذلك؟>>
<<نعم أُؤكدُ لكِ ذلك. جرّبي بنفسِكِ أن..>> و تلاشى الباقي كتأتأةٍ غير مفهومةٍ.
منذُ ذلكَ اليومِ، حدثَ تغييرٌ مع الفتاةِ الثانيةِ. صارت تتجنّبُ لقاءَ الفتاتينِ الأُخرتينِ . أصبحتْ تستغلُّ كلَّ فُرصةٍ لتُؤكدَ أنَّ لُؤلؤتها هي الأجمل من اللؤلؤتينِ اللتينِ مع الفتاتينِ الأُخرتينِ. و إذا ما سنحتْ لها الفرصةُ بالإبتعاد عنهما، كانتْ تتحدثُ عنهما بسوءٍ، وعن لُؤلؤاتهما أيضًا. و كأنّها كانتْ تعتقدُ أنَّ لُؤلؤتها سوفَ تُصبحُ أجملَ و أروعَ إذا ما تحدّثتْ عنهما بسوء، و أبدت بشاعةَ لؤلؤاتهما. لكنّها لم تعرف أثناء ذلكَ أنَّ لُؤلُؤتها كانت تفقدُ بريقَها وجمالَها شيئًا فشيئًا رغم أنها كانت تُحدّقُ بها فاحِصةً إيّاها بينَ حينٍ و آخر. و كأنّها كانت تبحثُ عن شَيْءٍ مُحدّدٍ بالذّاتِ، ثُمّ غفلتْ عن رُؤيةِ ما يحدُثُ للؤلؤتِها.
لم تكن الفتاةُ الثالثةُ سعيدةً بهذا التغييرِ الذي لاحظتْهُ على الفتاتينِ الأولى و الثّانيةِ. و كانتْ كلما زادَ حُزنُها، كلما أخذت تتأمّلُ و تفحصُ لُؤلُؤتَها. عندما كانتْ تنفردُ بها، كانت تشعُرُ بعزاءٍ. و أحيانًا كانت تشعرُ باستعادةِ الفرحِ القديمِ، فتولّدت لديها رغبةٌ بأن تستعيدَ الفتاتانِ الأُخرتانِ سعادتهما من جديد. سيكونُ الأمرُ جميلًا لو استعادتْ الفتاةُ الأُولى و الثانيةُ فرحَهما و أخذتا تبتسمانِ لبعضهما. و هكذا سوفَ تتسابقُ لُؤلُؤاتهما في اللمعانِ و التوهّجِ.
إرادتُها هذه جعلتْ لُؤلُؤتَها تُرسلُ أبهجَ الألوانِ.
لم يُعجبْ الشيطان أنَّ الفتاةَ الثّالثةَ لم تتصرف كما يُحبّ، و لكن بالعكس، كانت لديهاخُططٌ كي تُعيدَ الفرحَ و السّعادةَ للفتاةِ الأولى و الثانيةِ. قرّرَ الشيطانُ أن يُجرّبَ تجرُبتَه الثالثةَ و الأخيرة. و كما فكّرَ فعلَ. لقدْ سحرَ نفسَهُ صبيًّا جميلًا و قامَ بزيارةِ الفتاةِ الثالثةِ.
<<يومٌ جميلٌ أيتها الفتاةُ الحُلوةُ. ما أجملَ طلّتكِ. ليسَ أجملَ منها سوى اللؤلؤةُالتي في يدكِ.>>
<<نعم، أليسَ كذلك؟ لا شيءَ يُضاهي و يُشبهُ لُؤلؤتي.>> ثُم أخذت تُقهقهُ بينما بدأت اللؤلُؤةُ في التألُّقِ، و أرسلت أجملَ الألوانِ.
<<أجل، أجل.>> قالها الشيطانُ المتحوّلُ الى صبيٍّ جميلٍ.
<<الآن سأقولُ لكِ سرًّا.>> ثُمّ انحنى صوبَ الفتاةِ و همسَ شيئًا في أُذُنِها. نظرت الفتاةُ إليهِ غيرَ مصدِّقةٍ ما سمعتْ.
<<هل هذا حقًا صحيح؟>>
<< نعم أُؤكدُ لكِ ذلك، و تستطيعينَ أنْ تُجرّبي بنفسكِ أنْ..>> وتلاشى الباقي مِثْلَ تأتأةٍ غير مفهومة.
فكّرتْ الفتاةُ قليلًا ثُمّ أجابت:<<كَلَّا ، لا أُريدُ. ألم تفهمْ أنّه عندما كفّتْ الفتاتانِ الأُخرتانِ عن الإبتسامِ لي، قد عرفتُ سرَّ اللُّؤلُؤة.. اللؤلؤةُ تشقى إذا ما بقيت وحيدةً.>>
رغم كل محاولات الشيطان التأكيد على حُسن نواياه، إلا انها باءت بالفشل. عرفَ الشيطانُ أنّهُ لم يعُد يستطعْ فعلَ شَيْءٍ . لقد تلاشتْ قوّتُه. وهكذا صارتْ إرادةُ و تصميمُ الفتاةُ الثّالثةُ و تألُقُ لُؤلؤتها هي الدّافعُ لإستعادةِ الفتاتينِ الأُخرتينِ سعادتهما.
و بدأت جميعُ اللآلئُ ترسلُ ألوانها الرّائعةَ المُتميّزةَ عن الأُخرى.
ترجمها عن الدانماركية
سليم محمد غضبان
بتاريخ: ٢٢،٤،٢٠١٩