“جارة الله “بياض” الفَرَج “صباح الليل” باقة من قصائد الشاعر عصمت حسّان

جارة الله
صبّي على الماء حبراً
يُسكر العنبا
وعلقيني على بابِ الصدى قِببا
قبل القرائين قلبي كان
بسملةً
وفوق كفيكِ خطّ السحرَ والكتبا
بيروتُ كنتِ السّنا للشمس
ضحكتها
يوم المدائنُ كانت لم تزل زغبا
وكنتِ كالنقش في ضوءٍ
وفي حجرٍ
أختَ الشآم وكم بادلتها عتبا
ألقمتِ بحركِ زيتوناً
وأشرعةً
وكلُّ مجدٍ إلى فينيقكِ انتسبا
يا ربّة الارز قد عرّوك
من ألقٍ
وألقموا الأرز في نيرانهم حطبا
هم يزرعون أنين القهر
في دمنا
ونحن نحصد من أوجاعنا التعبا
سيري على الماء
هذي الارض راجفة
وغلّقي فوق عشاقٍ لك الهدبا
لا تنطري الفجر قد جفّت
مواقدهم
لا نورَ في الأفق لا خيراً ولا لهبا
وجنّديني صهيلاً ضاقَ
من وجعٍ
ترابُكِ الحرُّ أخفى اللومَ والغضبا
بيروت يا آخر الشطآن
يا هلعي
كم قيدوك ِ وكانوا الإفكَ والكذبا
ألقوا عليك شباكَ الوهم
ظالمة ً
وألبسوكِ أضاليلَ الأسى رطبا
حورية البحر ها كفّي
سأزرعها
على الرمال تقود الريح والسحبا
وتكتبُ النصرَ
راياتٌ وأجنحةٌ
ملءَ الفضاءاتِ كانت تقطف الشّهبا
يا جارة الله هُزّي الارز
آنَ لنا
أن نزرع الارض ثأراً والمدى غضبا
بياض
همْ يقبلون على الركوعِ
وأُعرضُ
وينخنخونَ ويزحفون
وأرفضُ
ويبايعون اللصَ
دون كرامةٍ
واللصُ غيلان الفسادِ يحرّضُ
ويساومونَ على الترابِ
وأهله
ومن الحلالِ همُ البغيضُ الأبغضُ
كسّرتُ من كيدِ الأئمة
رايتي
ووجدتُ أنّ الملتحينَ الأمرضُ
هم يرسمون اللهَ في أهوائهمْ
صوتاً لأجل الحاكمين
سينهضُ
وإذا يقومُ الصالحون
إلى التقى
قاموا عليهم والحقيقةَ اجهضوا
بي ألف قديسٍ وشيطانٌ أنا
لو صاح بي شعبي
الطغاةَ أروّضُ
وأعيدُ تشكيلَ الحياةِ كما أرى
وأعيدُ شقلبةَ الجهاتِ
أقوّضُ
أنا في زمانٍ صار
دهراً أسوداً
النور في روحي وقلبي أبيضُ
الفَرَج
ضاقتْ
وتمضي بعيداً أيّها الفرَجُ
أمعنتُ في القرب
لكنْ كلهم خرجوا
أوغلتُ في الأرض كي أجني
صدى أملٍ
دارت بي الأرضُ
حتى داختِ المهجُ
كأنما الحقُّ مصلوبٌ على وجعٍ
ويخجلُ الفجرُ
حين الشمسُ تنبلجُ
صرنا عراةً بلا عزٍّ
بلا وطنٍ
يسوسُنا الليلُ والأوغادُ
والهمجُ
كم قام فينا نبيٌّ كان يصفعُنا
كي يصلحَ الدربُ
أو كي يصلحَ العرجُ
فلم نبادرْ إلى صحوٍ
ومكرمةٍ
وقابلَ الحكمةَ العليا له الهرجُ
دربانِ لم نلتفتْ يوماً لبوصلةٍ
كنا الضياعَ ،
ضياع الفكر ننتهجُ
واليوم تقرعُ بابَ الغيمِ دمعتنا
ويحكمُ الأرضَ ظلمُ الكيدِ
والعوَجُ
ليستْ تؤسسُ للأحياء
دولتنا
ولا يكونُ على الموتى هنا
حرجُ
صباح الليل
صباح الخير يا وردَ البساتينِ
صباح الطير
والعنّابِ والتينِ
صباح النهر
يبكي كلما خطرتْ
أغاني الأمس
في بالِ المساكينِ
صباح الشمس
تعدو في أزقتنا
وأدري أنّها بالضوءِ تعنيني
صباح القهر
كم يغتالُ ضحكتنا
مدى الأيام أحفادُ الشياطينِ
صباح الروح
هل في الروح متّسعٌ
إذا كانت قلوبُ الناس من طينِ
أنا صادفتُ ظلي
كان يخذلني
وتطعنني على استحياءِ سكيني
وتركض خلفيَ الكلماتُ
تقضمني
وفوق السطر مذبوحاً
تواريني
صباح الخير يا كلّــي
أنا جســـدٌ
ضئيلُ الوقع
خوانٌ
ويكويني
بروحي الكونُ كلّ الكون يشعلني
وجسمي مثقلٌ بالصبر
يطفيني
ويضحكني إذا العنقاء
تشبهني
وأدري بات تحرقُها براكيني
أنا مثلي جميع الناس
في وهنٍ
وأدري الموت يبعثني ويحييني
صباح الليل
كم يقتات من دمنـــــا
وكم يبكي على الآمالِ (كانوني)
أنا المقدودُ من أرزاتِ ضيعتنا
ومن حقلاتها الشماءِ
زيتوني
ومن منجيرة الرعيانِ لي وترٌ
ومن أعلى سفوح الأرزِ
شربيني
أنا أعني صباح الخير يا وطني
وأدري الخير
في حلمي وتخميني
وأدري أنّ في بغداد لي سكنٌ
وفي أرض الشآمِ المهدُ
في شكوى فلسطيني
وفي الأردنَ لي بتراء تنطرني
وشعري حاضرٌ كالشمس
في كلّ الميادينِ
أنا الانســانُ سـرُّ الكون في لغتي
وكل قلوب أهل الأرض والدنيا
عناويني
الشاعر عصمت حسان رئيس منتدى شواطئ الأدب بشامون الضيعه