أدب وفن

“قمر القرى”طفولتنا في غابة (كرم سمرا) “مساء” /أدب/ الشاعر تيسير حيدر

قمرُ القُرى…
يزورنا ناعما كوجنات الأطفال
مرفها بالجمال
بدرٌ كرغيف الفقراء البعيد
يرثي لحالِ المتعبين
يستخدمُ روحه المرنة للإقناع
يمهٍِد للحوار
يستجدي مِنَّا السكون والصبر
يعرف كلَّ ما نعاني
يُحسُّ بأنه مُدانٌ رغم براءته الواضحة
إنه الآن في ضَياع
يفكٍِر كيف سيزور الفقراء ويداه فارغتان إلا من الحنان
قمر الروح
شجن الحرب والظلم والجوع
منهمرٌ كقلبي القابعِ في زوايا الأضلاع مفتشا عن السعادة والسلام !

طُفولَتُنا في غَابَةِ <<كَرْمُ سَمْرا >>
تِيْنَةٌ بحَجْمِ قَاماتِنا الضَّعِيْفة كَانَتْ لَنا مَلاذاً
غُموضٌ يَلُفُّنا كَمَنْ يَنْتَظِرُ العُمْرَ ولا يَفْقَهُ مِنهُ إلاَّ التَّوِجُّسَ والرّيْبة
كُنَّا نَمْتَطي أذْرُعَها كَأمِّنا
نَلْتَصِقُ بأغْصانِها كالزَّرازِير
التَّفَتُّحُ يَدْلفُ من أبواب طُفولَتِنا بتَعَثُّر
العُمْرُ حَافَّةٌ ونَحْنُ بلا وَشائج
لا أقْدِرُ أن أخَمِّنَ مَدى الإبْهامِ الذي يَلُفُّني
كُلُّ ما نَعْرِفُهُ أنَّنا نَعِيْشُ وَأظُنُّ على الهَامِش
لا مَكانَ لَنا تَحْتَ سَقْفِ هذا العَالَمِ الهَزِيْل
أهْلُنا كَالخَمِيرةِ الَّتي تَفوحُ مَسَاءً ،تُنْبئُ بالرَّغِيف ،لا أكْثَر
يُصارِعون النَّفادَ بعَضلاتِهِم الوَاهِنة
نَحْسدُ العَصافِيرَ على انطِلاقِها وزَقْزَقتِها
نَلُوذُ مَساءً في أقْبيَةِ البَراءَةِ النَّائمة
نَغْفو على الدُّعاءِ والخَوفِ من الآتي الأعْظَم
وَحُزْنِ أمَّهاتِنا المَقْهوراتِ تَحْتَ حَمْلَةِ الشَّتْلِ وحَمْلَةِ العُمْرِ والعَبَراتِ !!

مَساءً
تَنْعسُ الشَّمسُ أشارِكُ الزَّواحِفَ قَهْوتَها على شُرفاتِ الجحورَ
تَشْكو لي هُمومَها ،تُعانِقُ قَلْبي ونَشْتاقُ للسَّهَر
أفِيْءُ إلى بَيْتي وعَواطِفي مَغْمورةٌ تَحْتَ الصُّخور
أحِنُّ إليْها في الشِّتاءِ والعَذابِ والسُّيول
يا رَفِيْقَةَ دَرْبنا مُنذُ الطُّفولة ،تُلامِسِيْنَ أجْسادَنا ونحنُ نَغْفو في فوهاتِ أثْلامِ التَّعَب
لَم تَتْرُكينا ،لَكِ سُهولُنا لَيْلاً ولَنا نَهاراً عَرَقَ المِحْراثِ والزُّنود
نَحْفرُ في وادي الفَقْرِ فَتْحَةً لِلشَّبَع
نحْنُ أشِقَّاءُ في هذا الثَّرى ،لَنا السَّلامُ ،الشَّمسُ ، الأودِيَةُ والإخْضرارُ
فَلْنُعانقْ أُمَّنا الأرض….!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى