منتديات

ندوة العمل الوطني: إلى التَّلاقي الوطنيِّ الفعليِّ حول مبادئ “المواطنة”وضمن معطيات الدُّستور اللُّبناني؛ للعمل المشترك والمنظَّم لخلاص البلد مما يعانيه

بيان “ندوة العمل الوطني”

عقدت “اللَّجنة التَّنفيذيَّة” لندوة العمل الوطني، برئاسة الدكتور وجيه فانوس، اجتماعها الدَّوري، في 21/1/2021؛ وأصدرت البيان التَّالي:

ترى “ندوة العمل الوطني” في هذه المرحلة:

إنَّ في ما يشهده اللُّبنانيون حالياً، وتعيشه غالبيتهم السَّاحقة، من تشرذمٍ سياسيٍّ؛ يتجلَّى في تراخٍ غير مسؤولٍ تجاه أيِّ سَعيِّ جادٍّ إلى تشكيل حكومةٍ تعمل على لَجْمِ الإِنْكِفَاء السياسيِّ العام الحاصل، وما يلحق به من نُكوصٍ مُرعِبٍ، في مساحات الفاعليَّة الإيجابيَّة، للمجالات الماليَّةِ والاقتصاديَّةِ والصحِّيَّةِ؛ ما يؤكِّد للقاصي والدَّاني، على حدٍّ سواء، أنَّ البلد مُقبلٌ، بكُلِيَّتِهِ، على اضمحلالٍ معنويٍّ وعُسْرٍ ماديٍّ لم يشهد تاريخه العريق أي مثيل لهما. وترى “الندوة” أنه وإن كان كثير من أهل الفكر اللبنانيين قد حذَّروا، وطيلة عقود من الزَّمن، من أنَّ الوضع في لبنان ينجرف نحو شفير الهاوية؛ فها أنَّ اللُّبنانيين، على اختلاف مناطقهم وتنوعُّ توجُّهاتهم السِّياسيَّة، لا يجدون ذواتهم وأعمالهم وتطلُّعاتهم إلاَّ وقد صارت في الهاوية، وليس عند شفيرها على الإطلاق.

إنَّ هذا كلّه لا يمكن أن يكون مؤشِّرَ خيرٍ لفاعليَّةِ مبادئ “المواطنة” ومفاهيمها، التي تؤمن بهما “ندوة العمل الوطني”، منذ تأسيسها، ركيزةً لا غنى عنها للنُّهوض الوطنيِّ والسِّياسي والاجتماعيِّ في لبنان؛ إذ بات واضحاً، لكثير من اللبنانيين، أنَّ الهاوية التي وقع الوطن في مزالقها، ليست سوى هاوية لا قعر لها ولا قرار؛ بل هاويةُ انحدار مستمرٍّ واندحارٍ متعاظم، لا مُنتهى لها إلاَّ بتلاشي كلّ ما قام عليه لبنان من رؤىً حضاريَّة وقِيَمٍ ثقافيَّةٍ ومفاهيم وطنيَّة.

إنَّ ما يعيشه الوطن حاليَّاً، وما يشهده اللبنانيون، والعالم معهم، من التباسات في إدارة شؤون البلد ومعالجة المآسي النَّاجمة عن بؤس أحواله، والمضار المتحصِّلة عن هذه الأحوال، من عجزٍ عامٍّ وضياعٍ شاملٍ؛ بات محفِّزاً واضحاً لانعدام الثِّقة بالإدارة العامَّة للدَّولة، ومشجِّعاً لا يقاوم على سفورِ الظُّلمِ الاجتماعيِّ عن وجههِ القبيحِ والمرعب، ودافعٍ عنيد لازديادِ هجرةِ الكفاءاتِ، وخاصَّة الشَّبابيَّة منها، إلى الخارج.
تتساءل “الندوة”، مع غالبيَّة اللُّبنانيين، إذا ما كانت الجماعات المتحكِّمة بسلطة القرار الرَّسمي في البلد، باتت غير قادرةً على الوقوفِ بحقٍّ عند ما تفرضه عليها مسؤوليَّاتها، في تَنَكُّب مقاليد السُّلطة واتِّخاذ القرارات باسم الشَّعب في لبنان؛ فإن “الندوة” تؤكد على الحاجة الوطنيَّة القصوى للعمل على تأمين ضروريات المعيشة، بتنظيم دعم الرغيف والدواء وضوريات الحياة الأخرى؛ كما ضرورة النظر في موضوع تعديل قانون الانتخاب ليكون أكثر عدالة وتمثيلاً.

تُؤكِّدُ “الندوة” دعوتها الأساس إلى التَّحقيق الجديِّ والمسؤول، من قبل القضاء، في مسألة الأموال المنهوبة؛ وتتوقع، من الجهات اللبنانيَّة المعنيَّة بما يسعى المدَّعي العام السّويسري إلى القيام به حاليَّاً من تحقيقات في موضوع الأموال اللُّبنانيَّة، المودعة لدى المصارف السِّويسريَّة والمثيرة، في الوقت عينه، لريبة القضاء السّويسري؛ وتزويد هذه الجهة القضائيَّة السِّويسريَّة، بكلِّ ما يلزمها قانونيَّاً من معلومات متوافرة لدى الدولة وإجراءات بشأن هذا الموضوع.

تلاحظ “الندوة” أنَّ لدى المستشفيات في لبنان ما يقدَّر عدده بـ13 ألف سرير، وضع حوالي 600 منها، فقط، بتصرف الحكومة في موضوع المعالجة من وباء الكورونا؛ وهذا أمر لا يجوز السكوت عنه أو التغاضي عنه على الإطلاق، بسبب ما يحتاجه الوضع الراهن من إعلان حالة طوارئ صحيَّة تتيح للدولة مصادرة جميع ما قد تحتاج إليهِ من أسرة ومستلزمات.

ترى “الندوة” أنه في اللحظة الرَّاهن التي يختبر فيها العالم المعاصر منطلقات أساس لتجاوز التعددية السياسيَّة القطبية، والتخلي السياسي الفعلي عن أحاديَّة القطب الأميركي، تبدأ الولايات المتحدة الأميركيَّة بفقدان طابعها الديمقراطي؛ ولقد تجلَّى هذا الوضع مع تعرَّض مقر “الكابيتول”، وهو ما يعرف برمز الدِّيمقراطيَّة في الولايات المتَّحدة الأميركيَّة، إلى اقتحام شعبيٍّ له، قبيل تسلّم الرئيس المنتخب “جو بايدن” مهامه الرئاسية؛ ولعلَّ في هذا المشهد الأميركي، غير المسبوق في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، يؤكِّد ما ذهب إليه “بول كنيدي”، وهو أوَّل من تنبأ من الباحثين المعاصرين الأميركيين، بسقوط الأمبراطورية الأميركية. وتلحظ “الندوة” في هذه الأجواء التي تشير إلى تفتت أميركيِّ واضح في المجالات السياسية الداخليَّة، وانعكاس هذا الحال على سياسة التمييز العنصري الذي تعمل الولايات المتحدة على تعزيزه في الشأن الدَّولي، وخاصة تجاه “القضية الفلسطينية” وأبناء الشعب العربي المؤمنين بأحقيتها، أنَّه لن يمكن للشعوب المضطهدة أميركيَّاً، ومن ضمنها الشعب العربي، من تقوية التحالف فيما بينها وتمكينه لاستمرار مواجهتهم الإنسانيَّة والسِّياسية لهذه الغطرسة الأميركية.

بناء عليه،
إنَّ “ندوة العمل الوطني”،
وتأسيساً على التوجُّه العام للدُّستور اللُّبناني، القائم على أنَّ “الشَّعب هو مصدر السُّلطات”؛
وانطلاقاً من مفاهيم “المواطنة”، التي تؤمن بها “الندوة”، وتسعى إلى تحقيقها، في بلد يتساوى فيه جميع أبنائه في الحقوق والواجبات، ضمن المبادئ السَّامية للعيش الإنسانيِّ المعاصِر؛
ومن خلال تطبيق الأصول المعاصرة للمفاهيم الدِّيمقراطيَّة، التي تحترمُ مفاهيم الحرية والمساواة وتكافوء الفرص؛
تدعو اللُّبنانيين جميعاً، إلى التَّلاقي الوطنيِّ الفعليِّ، معها؛ حول مبادئ “المواطنة” وقِيَمِها ومفاهيمها، وضمن معطيات الدُّستور اللُّبناني؛ للعمل المشترك والمنظَّم لخلاص البلد مما يعانيه، والسَّعي الرَّصين والمسؤول إلى نجاته من مآسي هذا الوقوع الضَّالِ والمُخزي والخاسِرِ في هوَّةِ انحدارٍ عامٍّ لا قرار لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى