أدب وفن
مُقارَبات ثَقافِيَّة وأَدَبِيَّة – الحلقة الثَّانية


الدكتور وجيه فانوس
أَجْرَت “مَجْموعةُ حِبِر أبيض”، مُنْذُ أيَّامٍ قَليلَةٍ،
لِقَاءً مَعَ الدكتور “وجيه فانوس”؛
أُثيرَت فيهِ باقَةٌ مِنَ المَوْضُوعاتِ الثَّقافيَّة والأدبيَّة؛
وقد خَصَّ الدكتور فانوس، تَجاوُبَاً مَع كَثيرٍ مِنْ تَمَنِّيَّاتِ الأَصْدِقاء
مَوْقِعَ “حَصاد الحِبْر“
بِهَذِهِ السِّلسِلَةِ، التي تَتَضَمَّنُ بَعْضَ ما قيلِ في الِّلقاء.
الحلقة الثَّانية
(في اللُّغة العربيَّة)
أسئلة الروائيَّة الدكتورة هدى عيد والأستاذ سليمان الخوري والشَّاعر زياد عقيقي
1- هدى عيد

– كيف ينظر النّاقد الباحث،
د. وجيه فانوس، إلى الّلغة العربية في زمننا الحالي؛ وهل تمكّنت العربيّة من تحقيقٍ إبداعيٍّ تراكميٍّ، منحها هوّية متجدّدةً تواجه بواسطتها هجمة العولمة، وعموم الّلغات الاجنبيَة، لاسيّما الانكليزيّة منها؟
- بإمكان ايّ باحث مُتخصص في الشّأنِ اللغويّ العام، وخاصّة في مجالِ عِلم اللُّغات المُقارن، أن يلحظ مدى الاتِّساع والغِنى والطَواعٍية فيما تكنزٍهُ اللُّغة العربيّة؛ إذ هي لُغة واسعة أمداءِ الألفاظ والتّركيبِ والبنى، فضلأ عن قابليّنِها المُذهِلة لقبولِ الاشتقاقِ، ومطواعيّتها في التّعامُل مع “الغريب”، تبنّياً وعبر قولبتهِ ضمن صياغاتها وجِرسِها.
- إنّ ما يُمكِنُ أن يُسمّى، مِن قبل بعضهم، بـــ المُشِكلة الابداعية، ههنا، ليس على الإطلاق في اللُّغة العربيّة، بقدر ما هي مشكلة في عُمقِ وُجودِ هذا العقل العربيّ السّاعي إلى استِخدامِهِ لهذه اللٌّغة؛ خاصّةً أنّ العقل العربيّ المُعاصر، يشكو وهنا ما في ثقته بإمكانيَّة تعزيزِ قُدُراتِهِ على استِخدامِ العربَيَّةِ، بكُلِّ ما في هذه اللُّغة مِن قابِليَّابٍ وغَنىً عام.
- واقِعُ الحال، أنا ممَّن يُعايِنونَ في العقل العربيّ المُعاصِرِ، يُعاني بصورةٍ عامّةٍ، وليسَ في المَجالِ اللُّغويّ وحدهُ، خَوَراً في ثِقتة ناسِهِ بِقُدراتِهِم الذَّاتيَّةِ، كَما أنَّ كثيراُ مِن ناسِهِ يعانونَ ما يُشبِة الهَلَعَ الحضارِيَّ، في التعامُل النَّدِيِ لَهُم، مَعَ كَثيرٍ منَ الوافِدِ الأَجنَبِي على مُحَصِّلاتِهِم لثَقافَتِهم وحَضارتِهِم، إنكليزيّاً كانَ هذا الوافِدُ، أو غيرإنكليزيّ.
2- سليمان الخوري

– هل ترى انه يجدر تبسيط النص في اللغة العربية، في سبيل ان يستسيغها جيلُ هذا العصر، كي تبقى فاعلةً ولغةً حيةً بجدارة؟
– ماذا العمل حيال التّعريب وتحديث اللَّغة العربيَّة، لمواكبة المصطلحات الرَّاهنة، وبخاصَّة التّكنولوجيَّة؟
- اللُّغة، برأيي، وخاصَّة “العربيَّة”، اداة حيّة ومطوع، بقدرِ الامكانياتِ اللغوية لِمَنْ يستْخدِمْها، ساعياً إلى الإفادةِ من حَيَوِيتها ومطواعيَّتها، منْ هُنا، فـإنَّ أمرَ تَبسيطِ “النص العربيّ” أو تعقيده، يخرجُ، مع “العربيَّة” خاصَّةً عن حدودِ اللُّغة، بحدِّ ذاتِها، ليقع ضمنَ مسؤوليَّةِ ومقدرتهِ في هذا الاستخدامِ. أمّا، ما تُشيرُ إليه، من مجالات التعّريب وتحديث اللُّغةِ، وبخاصَّةٍ التّكنولوجيَّة مِنها، فالأمرُ شديدُ الوُضُحِ، إذا ما ميّز المرءُ، ههنا، ما بين “اللِسان”، الذي هو،بالمنطق المفهوميّ العربي، ووفاقاَ لما يَرِدُ في “النّصِّ القُرانيّ”، أساسٌ ثابتٌ للُّغةِ، و”اللُّغةُِ” التي تقِفُ وُجوداً حيّاً مُتفاعلاً بإيجابيّةٍ مرنةٍ معَ العَصْرِ والبِيئَةِ والمَعارِف.
3- زياد عقيقي

– يشهد زمننا تحوّلاً خطيراً من عالم الحَرْفَ (الكلمة) إلى عالم الرقم، فهل ترون أن هذا التّحوّل سيطيح بالفكر الإنساني والعلوم الإنسانية واللسانية ام ثمّة ما يضمن النبض الإنسانيّ مستقبلاً؟
- أَرى أنَّ الحَرْفَ والرَّقمَ، شأنهما شأنَ الجِلدِ وسُعف النَّخلِ ومسطَّحاتِ العظْمِ وورقِ البَردي، في الزَّمنِ القديم، فضلاً عنِ الصَّحائفِ الوَرَقيَّةِ التي نَسْتَخْدِمُها الَيوْمَ، مَع ما نَعرِفُهُ في حياتِنا اليومَ مِنِ شاشاتِ المِحْسابِ (الكمْبيوترَ)، لَيْسَت جميعها، في نهايَةِ المِطافِ، سو أدوات لخدمةِ التَّعبيرِ عَنِ الِفكْرِ الإنْسانيّ، ومُستَقْبِله، كلٌّ منهما مُرْتِبِطٌ ارتباطاً تأسِيسِيَّاً وعُضْوِيَّاً بالإنْسانِ نفِسهِ، وبِما لَدَيْه مِن أُموريَسْعى إلى تَعبيرٍ لَهُ عَنْها، بِغَضِّ النظّرِ عَن أَدَواتِ المُتَغيّرةِ والمُتَبَدّلَةِ، بِحُكْمِ مَسِيرةِ الزَّمانِ وصَيْرورَةِ المَكان وفاعِلِيّةِ العلُومِ والثقافاتِ، وتفاعُلِ ظُروفِ العَيْشِ الإنْسانيّ، الخاضِّ كما العامِّ، مَعَها.
