شيزوفرنيا/قصة قصيرة/ بقلم الكاتب رضا يونس

شيزوفرنيا.. قصة قصيرة
حسناً.. سأعترف، أدركُ أنكم لطالما انتظرتم اعترافاتي كما ينتظر باعة الفلافل الجرائد القديمة، لا لشيء، إلا لمعرفتكم أنني أملك أسرارًا، قد تدفعني إلى مواجهة تهمة قلب نظام النوم، كأن أعترف مثلا أنني قابلت بايدن في قاعدة السيلية العسكرية، هامسًا في أذني: “بدأنا للتوّ المرحلة الأخيرة من حصّة الرسم، لكننا نسينا ترتيب الألون”.
هاكم اعترافي الثاني، لقد التقيتُ هذا المساء بجثّة الخديوي سعيد يعبِّر عن ندمه، لاستجابته الساذجة للمراوغ ديلسبس، ربما سأعترف أيضا أنني التقيتُ فؤاد المهندس في أرض النفاق، أخبرني أنه طحن كلَّ الحبوب التي جلبها العطّار، دون أن يخبرَ المخرج، وابتلعها دفعة واحدة.
ولعلّني سأعترف بسرِّي الكبير، فقصائد الشعراء الذين أتابعهم على الفيسبوك ركيكة لا تصلح للذّوق العام، وأنّ صديقي القاصّ المدَّعِي لا يجيدُ السرد، ولغته مقعّرة وتافهة للغاية، وأنني أنافقه؛ لأحصلَ على دعمه في التّرشُّح لعضوية اتّحاد الكتاب.
دعوني أتطهَّر من ذنبيَ الأعظم، فأنا أتلصَّص على جارتي الأرملة الثلاثينيّة حين تخلو بأنوثتها، فتحرِّك فيَّ مشاعر عجزت زوجتي البدينة طوال أربعين عامًا عن إثارة رجولتي.
هاكُم آخر اعترافاتي، فأنا لم أكن صادقا حين التقيتُ بايدن، الحقيقة أنه كان الزعيم هتـــ لر وهو يلقي بعض القردة الأحياء في آتون نازيِّته، واقبلوا عذري بشأن الجثّة فقد كانتا جثّتين لا واحدة، و أعترف أنني لم التقِ بفؤاد المهندس نفسه، بل كان شبيهي بيومي فؤاد، وأن قصائد الشعراء كانت لي، وصديقي القاصّ المزعج كان أنا أيضًا، وأن جارتي الأرملة هي زوجتي حين تتزين للخروج من البيت، وأنني لا أجيدُ شيئًا سوى الثرثرة وارتداء الأقنعة.