أدب وفن

التشابه الثقافي في الأمثال العربية والصينية – الفصل الرابع

بحث للباحث والمفكر البروفيسور تشو ليه سليمان الصيني رئيس جامعة الدراسات الدولية في بكين


حصاد الخبر وكانت “حصاد الحبر ” نشرت الفصول : الأول و الثاني و الثالث من البحث، واليوم تنشر “حصاد الحبر الفصل الرابع ، يتحدث عن المصادقة بالأمانة والاحسان وردّ الجميل

المصادقة بالأمانة والاحسان وردّ الجميل

يعيش البشر مجتمعا. لذا تهتم أي أمة في العالم اهتماما بالغا بقدرة الجماعة. وإن الفرق بين الإنسان والحيوان  في أن الإنسان يعقل ويفكر ويعيش معالجماعة ويكوّن  المجتمع. وتكون الدعوة الى الاتحادوالمصادقة بالأمانة  ومعاملة الناس والجيران بالصدقوالاخلاص من المبادئ  الاخلاقية التقليدية للأمتينالعربية الصينية.وإن طبيعة الحياة وظروف الحياة التى يعيش فيها  العرب والصينيون والمفاهيم والنظريةالتقليدية  التى يعتنقونها يجعلهم يهتمون أكثر بالمودةبين الناس  وبالثقافةبينهما وبالمساعدة والتعاون المتبادلين .

ويرى الإسلام أن المسلمين اخوة.وإن الإحسان وردالجميل من السلوك الحميد الذى يدعو اليهالإسلام.وفي رأي العرب أن المحبة الصادقة كعضوالشمس لايمكن ان يحجبه أحد، وأنّ خير  أهلك منكفاك، وأن خير الأصحاب من دلّك على الخير وأن المحافظة على الصديق واجب ولو كان في الحريق ومنذلك  نجد ان هناك أساسا اجتماعيا ودينيا عميقالأفكار المصادقة  بالأمانة والإحسان ورد الجميل فمن البديهي أن تنعكس عنها  الأمثال العربية.والأمثالالعربية المعبِّرة عن هذه الأفكار كثيرة منها:

– اختر الصديق قبل الطريق.

– ربّ أخ لم تلده أمك.

– تقاربوا بالمودة ولا تتكلوا على القرابة.

– فقد الإخوان غربة. 

– الصديق عند الضيق.

– المحبة الصادقة كعضو الشمس لايمكن أنيحجبه أحد.

وتدعو الأخلاق التقليدية الصينية الى تحابّ القوم وعدمِظلم  القويِّ الضعيفَ وعدمِ نهب الجماعة الفردَ وعدمِتحقير الغنى  الفقيرَ وعدمِ استهانة ذي المكانة والجاه بالذليل وعدمِ خدع الذكي الجاهلَ.وفي رأي الصينيين أن المصادقة بالأمانة تعنى اتخاذ الأخلاق مبدأللمعاملة مع  الأصدقاء ،وعلى الأصدقاء أن يهتموابالمودّة ويستخفّوا  بالمصالح وأن يشاركوا في السراءوالضراء وأن يتبادلوا  المساعدة بلا  مقابل.

والأمثال الصينية المعبّرة عن هذه الأفكار كثيرة منها:

– اختر الجار قبل الدار.

– رب صديق خير من أهل.

– اعتمد على الوالدين في البيت واعتمد على الأصدقاء خارجه .

– لا يمكن للإنسان أن يفقد الصديق ولا يمكن للسمك أن يخرج من الماء.

– يُعرف الصديق عند الشدائد.

– المحبّة الصادقة أقوي من القوانين.

إن التقاليد الحميدة لأمتينا تدعو الى الإحسان والى ردالجميل والى معاملة الناس بحسن النية والصدق فيرىالعرب  والصينيون أنه اذا ساعدني أحد اليوم فسوف أساعده غدا وتحترم غيرك يحترمك.وفي رأي العرب  أن الإنسان عبد الإحسان وان الدال على الخير كفاعله،وان الخير  أبقى وإنْ طال الزمان به.وتداولت على أَلْسِنَة الناس أمثال كثيرة عن ذلك

منها أمثال عربيةكما يلي:

– الظلم مرتعه وخيم.

– من يزرع المعروق حصد الشكر.

– لا تنس المعروف الذي يسدى اليك.

– الخير أبقى وإن طال الزمان به.

– جدّ لامرئ يجد لك.– الإنسان عبد الإحسان.

– خذ بيدي اليوم وآخذ برجلك غدا.

وتدعو الفلسفة  الصينية الى مساعدة الناس بالرضى والى  معاملة الناس بحسن النية والى إسعاد الآخرينوعدم  إساءتهم والى معاشرة الناس بالأمانةوالإخلاص.فقد قال لو تسي العالم الصيني المشهور:أعامل المخلص بالإخلاص وأعامل غير  المخلص بالإخلاص حتى يتصرف كل واحد بالإخلاص. يدعوالى عدم  نسيان خير الآخرين والى رد الجميل.

 والأمثال الصينية التى  تنعكس عن هذه الأفكار عن هذه الأفكار كثيرة، منها :

– الشرير نهايته وخيمة.

– من يعمل خيرا يُجزَى بالخير.لاتنسي منأحسن اليك.

– المحسن يبقي صيته الى الأبد.

– احترم غيرك يحترمك أكثر.

– من أحسنني بقطرة من الماء أرده بمياه الينبوع.

– من أعارني بقرا أعيده جوادا.

قد أصبح المجتمع اليوم متقدما ، وصارت البشريةمتحضرة. ولكن مغزى أفكار المصادقة بالأمانةوالإحسان الى الآخرين وردّ جميل الغير لم يصغرويقلّ،بل ما زال إيجابيا قيّما. فقد  أصبحت كلمةالتعاون أكثر تداولا بين ألسنة الناس في عالمنا اليوم.فالبشر والأمم والدول ما زالو يحتاجون الىالمعاملة  بالصدق والى الثقة والتفاهم والتعاون والتأييدالمتابدلة بينهم. وإذا كان كل فرد في المجتمع يلتزمبهذه المبادئ ،وإذا سدّ بين الناس الحبّ  والمودّةوالصداقة ،فسوف يصبح المجتمع أكثر تقدما ،وتصيرالبشرية أكثر تحضرا ويكون العالم أجمل وأجمل.


*حقوق النشر و الطبع محفوظة لصالح الباحث و يرخص بالنشر عبر موقع مجلة حصاد الحبر اللبنانية من قبل الباحث ومركز الشرق الأوسط للدراسات والتنمية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى