نَصٌّ دائريٌّ.. مُفرَغ/ نص إبداعي بقلم الكاتبةعبير حسن علّام
——————- نَصٌّ دائريٌّ.. مُفرَغ——————-
أنا؟ لا، ما بكيتُ يومًا.
أنا ما بكيتُ إلَّا وهنًا أمام عينيك.
أنا ما بكيتُ قبل قراءتي كفَّيك.
أنا ما شهقتُ قبلك، قبل مجيئك بالفيروز إليَّ وسفَري بالياقوت إليك.
أنا.. لا، ما كنتُ قبل بوح الحَور وتمنُّع الصخر وحيرة النهر.
ولا اشتقتُ يومًا لو لم يُلبسني دفءُ صوتك عُريَ أيامي حين يشقُّ الحضور عليك فيشقُّ قلبيَ الغيابُ وأنفض ملاءات الروح فتنزف غبار العطش.
شقيَّةٌ المساءاتُ بدونك، فقيرةٌ الليالي، تهجِّئ عبثًا لون اجتماع السحر طيَّ رموشك كلَّما هربتَ من ضعفك أمامي.
أنا يا شقيق الروح يا حبيبي الصديق أو صديقي الحبيب، يا من تتلمّس في التسميات اجتراح معجزةٍ لا تقودنا إلى الحتف البهيِّ… أنا ما شقيتُ بالهوى قبلك ولا انتظرتُ بباب الغياب سراب الحقيقة.
أنا لم أغادر عمدًا حين رحتَ تقرأ عليَّ نصَّك الأخير. إنَّما غادرتُ ضعفًا. أنا أحفظ كلَّ حرفٍ تخطُّه عروقك يا سيدي. وأخشى أن أتمتم معك فتكشفني. نعم، لقد قرأتُ نَصَّك هذا مِرارًا وحفظته، لكنني لم أحتضنه لأنني بحثتُ فيه عنِّي ولم أجدني. نعم، هو الحب يا حبيبي، هو الحب يا صديقي.. ذاك الذي يزلزلنا فتختبئ خلف أعمدة حروفك وأختبئ طيَّ اللامبالاة… أنا التي يكسر قلبَها صمتُك ويصيب حبرُك روحها بالتيه ويكلِّلها الدمع في الحالتين. أنا التي تشظَّت على عتبة كلِّ نصٍّ لك. أحاربُ صمتكَ على البُعدِ بشظايا قلبي وأحارب استفزاز وجودك المؤقت في كلِّ مرَّةٍ بالدموع المتحجِّرة في عينيَّ كبرياءً. كم مرَّةً قلتُ في بلادةِ “إلى اللقاء”: إبقَ بعينيَّ هذا المساء، وكم تشقَّقت جراح قلبي وأنت تقفل خلفك بابي
وأنادي باسمكَ في غيابكَ بائعَ الخضار!
وكذا أنادي طلوع النهار..
هل قلتُ أنني أحبُّك؟
أعلم أنني لم أقل يومًا أنت حياتي، أنت روحي…
لكنني أقول لك اليوم: دموعي أنت.