أدب وفنمقالات واقوال مترجمة

غابرييل غارسيا ماركيز: بدأت أكون كاتبا عندما أدركت أنني لا أصلح لشيء آخر…!!!

” Dos soledades عزلتان
” هو الكتاب الصادر عن دار الفاغوارا و نزل في الأسواق في 28 أيار 2021 و يوثق كل الأحاديث وبعضها غير منشورة التي جرت بين غابرييل غارسيا ماركيز مؤلف ” مئة عام من العزلة” و ماريو فارغاس يوسا في جامعة البيرو عام 1967.

عزلتان ” الكتاب الصادر عن دار النشر alfaguara

أربعة اشهر بعد نشر رواية “مئة عام من العزلة ” في بيونس آيرس و التي أكملت عامها الرابع و الخمسين .
عند الساعة الواحدة و النصف من يوم الثلاثاء من أيلول 1967 التقى كاتبان من أشد الكتاب في أميركا اللاتينية المعية و شهرة و أجريا حوارا في جامعة البيرو الوطنية كلية الهندسة/ ليما – البيرو .

الكاتبان تعارفا قبل خمسة أسابيع من المقابلة لكنهما قبل أن يلتقيا وجها لوجه
تبادل الكاتبان العديد من الرسائل التي تعاهدا فيها على كتابة قصة مشتركة تقارب للحرب بين كولومبيا و البيرو عام 1931 , لكن هذا العمل لم يحصل أبدا .

لم يتم التطرق في الحوار بأي كلمة عن العراك الذي حصل بين هذين الكاتبين و تلقى فيه ماركيز لكمة مفاجئة من يوسا و ظل السبب سرا لا يعرفه غيرهما (تبدو هالة زرقاء حول عين ماركيز في الصورة )

اربع اشهر مرت ثم عادا و التقيا في ليما عندما كان فارغاس يوسا عائدا من وفنزويلا و في رصيده الجائزة الفاخرة ” “rómulo Gallegos ” عن روايته “البيت الأخضر “casa verde” وكانت المرة الأولى التي يطأ فيها غابرييل غارسيا ماركيز هذا المكان و لم يبق فيها غير أسبوع واحد، استغلت البيرو هذه الفرصة الذهبية لوجود و شهرة هذا الساحر الذي خلق تلك العائلة المسماة بوينديا و تلك القرية التي تدعي ماكوندو و دعته إلى لقاء في جامعة البيرو الوطنية في كلية الهندسة.

فارغاس يوسا و زوجته باتريسيا، خوسيه دونوسو و بيلار سيرانو في حفل قران ماركيز و بارتشا في صورة من دون تاريخ في السبعينات

اول سؤال من يوسا لماركيز كان
ما هي الجدوى أن تكون كاتبا ؟ ؟ كان الحوار عبارة عن أخذ و رد بين الكاتبين العظيمين
كان رد ماركيز كالتالي:
انا بدات أن أصبح كاتبا عندما انتبهت أنني لا اصلح لشيء آخر ،أبي كان صيدلانيا و كان يريدني أن أحذو حذوه، لم ابتعد كثيرا و قررت دراسة الحقوق و لكن في الجامعة اكتشفت ان الحقوق أيضا لا جدوى منها …
كان غابو-ماركيز يرتدي ثيابا ملونة و بدون ربطة عنق على عكس فارغاس الذي بدأ ببدلة رسمية أنيقة، قاتمة و نظيفة .

و أكمل ماركيز ” أكتب كي يحبني أصدقائي أكثر، الأدب و خاصة الرواية ، عليه أن يكون له وظيفة تغيير ، لا أعرف أدبا جيدا يمجد القيم المقررة و السائدة فعل الكتابة يستجيب لدعوة مقنعة، و الذي يملك هذه الملكة عليه أن يكتب و عندها فقط سوف ينجح بالتخلص من وجع الرأس و عسر الهضم . “

أمراة من جسد و روح ترتفع إلى السماء او رجل يخوض 32 حربا و يخرج منها سالما هي ما اختاره فارغاس اختار من ” مئة عام من العزلة ” ليسأل ماركيز هل تعتبر نفسك كاتبا للواقع أو الفانتازيا ؟؟
رد ماركيز : “ انا اعتقد و خاصة في ” مئة عام من العزلة ” أنني كاتب واقعي ،لأنني اعتقد ان كل شيء في أميركا اللاتينية ممكن، نعيش محاطين بتلك الأشياء الغير عادية و بالفانتازيا .

عن رواية مئة عام من العزلة قال ماركيز : بالرغم من انها رواية مليئة بالابطال و لكن الطبقة التحتية للرواية هي العزلة …أنا لا أعرف شخصا لم يشعر يوما بشكل ما ، بالوحدة

قارب ماركيز العزلة بأقسى صورها عندما وصف الديكتاتور السلفادوري الذي يضع رقاصا كي بفحص السميّة من عدمها فوق طعامه فإذا اتجه الرقاص نحو اليمين يأكل و اما اذا اتجه نحو اليسار فيمتنع عن الأكل، و كذلك عندما يغطي كل الاضواء في المدينة بورق أحمر كي يكافح مرض الجدري.

قال ماركيز:
هذه الأشياء تحصل كل يوم في أمريكا اللاتينية لكن ما يحصل أننا الكتاب حين نجلس لنكتب عن هذا الواقع، بدل أن نقبله نبدأ إما بإثارة الجدال و إما بعقلنته،….فنقول: غير معقول…!، هذا جنون…!، و نبدأ بإعطاء سلسلة من تفسيرات عقلانية تزور و تشوه هذا الواقع ، بينما ما يجب علينا فعله هو مواجهته .

ثم تابع ماركيز و دعم فكرته بالقول : لا واقعية أمريكا اللاتينية هي واقعية جدا و يومية و هي بشكل كامل مشوشة مع ما يتم فهمه من خلال الواقع، و تابع عن موضوع اللاواقعية الواقعية، باح” غابو “غابرييل غارسيا ماركيز انه بدأ كتابة تحفة عمله الأدبي في عمر ١٦ سنة…!!!!

الحوار بين يوسا و ماركيز لم ينته في ٥ أيلول بل تابع في ٧ منه في نفس المكان و قد كان مادة الحوار الكبيرين كورتازار الذي يحبه غابو و بورخيس الذي يكرهه غابو …!!! غابرييل غارسيا ماركيز ينتقد بورخيس؟ نعم
عن بورخيس قال ماركيز:
مع بورخيس يحصل معي شيئ غريب…هو أكثر كاتب اقرأه و أقل كاتب انا معجب به

و في السياق نفسه اقول ايضا اكثر…اردف ماركيز: ” جئت من بيونس آيرس و احمل في حقيبتي المجموعة الكاملة لبورخيس و سوف أقرأ له كل ليلة …و هو كاتب لا أحبه و لكنه يسحرني كمانه الذي يستخدمه كي يعبر عن الأشياء ، هو كاتب لديه قدرة خارقة في الحيلة اللفظية، هو كاتب قراءته تعلم الكتابة ، أي أنه يعلمك كيف تضبط آلياتك لتقول الأشياء…”

في تلك الأثناء 1967 كان يوسا قد كتب ” المدينة و الكلاب ” و لكنه بعد سنتين من ذلك التاريخ كتب رائعته ” حديث في الكاتدرائية ” 1969 .

و قد نال يوسا جائزة نوبل للآداب بعد 43 من تاريخ هذا الحوار بينما كان ماركيز يعمل على كتابة خريف البطريرك و كان يظن انها سوف تكون تحفته و قد تم نشرها عام 1975 ” كي أكتب عن العزلة و الوحدة و السلطة لم أجد نموذجا حقيقيا أفضل من ديكتاتور أمريكا اللاتينية، هذا الوحش الأسطوري عبر التاريخ ” 1976 كان قد تبقى 15 سنة كي يحصل ماركيز على نوبل الأدب .

هذه المحادثة بقيت تقريبا غير منشورة لمدة خمسة عقود ، فقط كانت تنشر من حين لآخر عبر نسخ سرية , إلى أن تم إعطاء المصادقة على نشرها و الآن أصدرت دار النشر الفاغوارا(alfaguara) كل هذه الأحاديث في كتاب تحت عنوان ” عزلتان” ” dos soledades “
حوار حول الرواية في أمريكا اللاتينية، مع توقيع الكبيرين يوسا و ماركيز و بعض صور غير منشورة من تلك المرحلة.

ترجمة و اختيار سمية تكجي/ المصدر/clarín.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى