قصيدتان للشاعر الألماني راينر ماريا ريلكه/ ترجمة د. بهجت عبّاس

قصيدتان للشاعر الألماني راينر ماريا ريلكه
ترجمة: د. بهجت عباس
زار الشاعر راينر ماريا ريلكه (ولد في براغ عام 1875 وتوفي في سويسرا بسرطان اللوكيميا عام 1926) الحديقة النباتية في باريس التي تقع على الضفة اليسرى لنهر السين بناء على توصية من صديقه النحات (رودان)، والتي تقع في وسطها حديقة حيوان صغيرة، فنظم قصائد كثيرة في حيواناتها.
1
متنزّه الببغاوات:
تحت شجرِ الزَّيـزفون التركيِّ المُـزهـرِ
على حـوافي المَرج المُعـشَـوشِـبِ،
تـتنفّس الببغاواتُ بهدوء في مواقعها المتأرجحة،
وقد هـزّها الحنينُ إلى أوكارها،
فأخذت تفـكِّـر في أوطانـها
التي، وإنْ لـمْ تَـقعْ أعينـُها عليها، لا تتـغيَّر.
غُـرَبـاءُ في هذه الخضرةِ المتـزاحمة كموكب استعراض،
تتـباهى وتـتعالى وتشـعر أنَّـها فوق الجميع.
وفي مناقيرهـا الثمينة المصنوعة من اليَـشْمِ واليَـشَبِ
تعـلـك شيئاً رمادياً وتقـذفـه بعيداً،
لأنها لا تستـسيغ طعمَـه.
ومن تحتها تلـتـقط الطيورُ الحَـزانى مـا قَـذَفـتْه،
بينـما تنحني الببغاواتُ الساخراتُ من فوقها انحناءةَ استهزاءٍ.
وبين كلتـيْهـما تفرغ أواني الطعام سريعاً،
وتـبدأ بالـتأرجح مرةً أخرى وتـنـامُ وتراقبُ،
وبألسُـنها السّـودِ التي تـنطق الكَـذِبَ عن طيب خاطر،
تـعبث بسلاسل الأغلال في أرجلها. تنـتظر مشاهدين.
2
الـنِّـمْـرُ:
نظـرتُـه مـِنْ تخَـطّي القُـضْـبـان ِ
أصبحتْ كَلِـيـلةً حيثُ لا يستطيع أنْ
يتحمّـلَ شيئـاً أكثـرَ
يتراءى له، كما لـو أنَّ ألفَ حاجزٍ موجودٌ
وخلفَ ألفِ حاجـزٍ ليس ثَـمّةَ عـالَـمٌ.
مَـشْـيَـتُـه الرَّقـيـقةُ بخُـطواتِه
الجـبّـارةِ الخفيـفةِ
التي تدور في حَـلقـاتٍ صغـيـرةٍ جـدّاً،
مثل رقـصٍ بقـوّةٍ حـولَ مـركـزٍ
تقـفُ فيه الإرادة القـويَّـةُ خَـدِرَةً.
وأحيـاناً فقط تُرفـع السِّـتارةُ
للنّـاس بخفـوتٍ-.
فتدخـلُ صـورةٌ،
تسري خلالَ الهدوءِ المُـتَـوتِّـرِ
للأطـراف-
إلى القلب وتمـوتُ.




