أدب وفن

الحلقة -السّابعة – من – رواية: “تحت ظِلال أشجَار التّين والزّيتُون” ( سيرة بطل مُجاهد شَهيد معركة “أنوال” الماجدة)


بقلم : د. مُحمّد مَحمّد خطّابي




” .. كان الفتىَ (مُوح) منذ صِغر سنّه يَحظىَ باحترام أهل قريته، سواء من طرف رفقائه ،وأقرانه ممّن هم في سنّه، أو ممّن هم أكثر منه سنّاً ، كان يتمتّع بأخلاقٍ عاليةٍ،وسلوكٍ حسَن، وإستقامة، وطيبة ،وحنان مُفرط ،إلاّ أنّه مع ذلك كان يتحلّىَ بشجاعة وإقدام نادريْن، كان يشعر أنَّ قوّة خارقة تعتمل بداخله ، ولم يتردّد في أن يجد تبريراً أو تفسيراً لذلك حسب ظنّه ، فهو كان يفسّر أنّ منبع أو مردّ هذه الشجاعة التي خصّه الله بها لابدّ أنّها ترجع لعُمق إيمانه القويّ بخالقه الذي لا يتزحزح ،ولرضىَ والديْه عليه .
كان (مُوح) شابّاً متديّناً دون إفراط أو تفريط ، كان يحترم مواقيت الصّلاة ، ويُؤدّي فروضَها أيّان ما كان موجوداً، سواء في حقول والده في “الوطاء”، أو في أراضي أبيه فى ” أزغار” أو فى الأسواق العمومية الأسبوعيّة عندما كان يذهب للتبضّع لضمان القوت اليومي لعائلته ، أو خلال وجوده فى مدرسة الكُتّاب (المسيد) بمكان يُسمّىَ ” دهار نسلّوم” وهو ينكبّ بحماسٍ مُنقطعِ النظير على حفظ واستظهار ما تيسّر من كِتاب الله بالطريقة التعليمية التقليدية التي كانت متّبعة في الرّيف وفى سائر أنحاء البلاد في ذلك الإبّان ،أوفى أيّام الجُمَع أو سواها من أيّام الله عندما كان يؤمّ المسجد العتيق الكبير الأقرب الى بيته لأداء صلاة الجماعة ، أو أثناء رحلات القنص والصّيد فى الغابة النائيّة، أو وهو يتدرّب في الخلاء على فنون الرّماية ببندقيته التي أمرته بها والدته ، والتي سرعان ما برع فيها بشكلٍ مُلفتٍ للنظر حيث كان لتفوّقه الباهر في إجادة فنون الرّماية من بين الأسباب التي ساهمت في إيقاد جذوةِ نوعٍٍ من الغيرة فى بعض أعيان الرّيف منه، سواء داخل قريته أو في القرىَ المجاورة ،أو عندما يكون على شاطئ (الصّفيحة) الجميل الذي يمتدّ أمامه مترامي الأطراف حيث يعانقُ البحرُ في جمالٍ أخّاذ مرتفعاتٍ وآكامَ جبال وهضاب وتلال أرض تمسمان البعيدة بتضاريسها الفريدة العجيبة التي تظهر في منتهاها حيث تنتهي سلسلة الجبال في عُمق البحر قبّة ضريح الوليّ الصّالح ” سيدي شعيب أُومَفتاح ” المَهيبة بلونها الناصع البياض التي لا تخطئها العين من أيِّ مكانٍ في قريته . ( يتبع)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى