منتديات

رحيل إمرأة فاضلة/ بقلم د. رنا منصور

رحلت الفاضلة الحاجة زاهية محمود يوسف الدر، حرم الحاج الفاضل أبو طلال حمود.

كانت المرأة الفاضلة والأم الحنون وكأكثريّة نساء منطقة الجنوب ملتزمة بالأخلاق النبيلة ومُربيّة أولادها على الصراط المستقيم، خصوصاً أنّها من عائلة الدر كبار عائلات الجنوب وبلدة الخرايب.

لقد ربّت عائلتها على الصبر والإيمان ومحبّة الجنوب لا بل كل لبنان ومساعدة كل محتاج والإهتمام بأهالي منطقتها وقاطنيها بغض النظر من أي جهة أتوا وإلى أي جهة إنتموا.

بارك الله بها وبزوجها وأولادها وأسكنها فسيح جنانه خصوصاً أنّها انتقلت إلى رحمة الله تعالى مع اقتراب عيد الأضحى المبارك وما يعني هذا العيد من إيمان وتضحية ووفاء ومساعدة المستضعفين والفقراء ورفع الظلم عن الناس. إنّ الرب الكريم أراد للحاجة زاهية محمود يوسف الدر (أم طلال) والأم الفاضلة والحنون ملاقاته في جنات الخلد قبل عيد الأضحى المبارك ليكون عيدها في الجنة أجمل. رحمها الله، فهي الطاهرة والمؤمنة التي أحبّها الله وكرّمها بملاقاته من أرض طاهرة من الجنوب الأبيّ بأهله وأرضه وشعبه، الجنوب المؤمن في تحرير كامل أرضه خصوصاً مزارع شبعا وكفرشوبا.

عندما يذهب الإنسان لملاقاة ربّه يذهب وحده، ويرى كم هو الله غفور رحيم ومعين لدخول الجنة. كما يرى كم يحبّه الله ويأخذه لجنته التي تجري من تحتها الأنهار. سبحان الله ينتقل المرء من دار الفناء في الدنيا الفانية إلى دار البقاء في الدنيا الخالدة، وممّا لا شك فيه أنّ الأحبّاء سوف يلتقون بأحبّتهم بعد عمر طويل، لكن ما يؤلم الإنسان هو فراق الأحبّة، وكيف إذا كانت هذه المرحومة هي الأم الغالية؟

ليتأكّد الدكتور طلال الأخ والصديق وأولاد المرحومة وأقربائها وأشقائها وأسرتها وكلّ من يمتّ لها بصلة قربى وصداقة أنّ الله لا يُضيّع أجر الصابرين وأنّ المحن والشدائد لا تأتي إلّا على الأتقياء الذين يتمتّعون بإيمان راسخ لا يتزحزح.

إنّ الحاجة أم طلال حمود هي والدة الطبيب المعروف في وطنيّته وأخلاقه الحميدة لا بل المتفاني في سبيل وطنه وشعبه، كذلك هي والدة أخوته الذين هم بمستواه وأخلاقه وتربيته النبيلة. إنّ صبر هذه العائلة التقيّة المؤمنة بالله ورسوله سيكون مأجورأً والإنسان في محنة شديدة كهذه يكون أقرب إلى خالقه، ويكفيها فخراً وعزّاً أنّ الحاجة أم طلال قد أنجبت ولداً أصبح من كبار الأطباء العاملين في الحقل الوطنيّ والطبيّ. فهي الحاجة التي تمثّل أكثريّة الشرفاء في الجنوب الأبيّ الصامد لسمعتها وإيمانها حيث كانت تطبّق بشكلٍ كاملٍ المساوات بين الأخوة في سبيل العلم والتربية. كما علّمت أولادها الطيبة وحب الأرض والناس ومساعدة المظلوم والفقير. لم تكن يوماً إلّا مع الحق وهذا ما تأثّر به الدكتور طلال ومشى على دربها درب الحق والعدالة وراح يناضل من أجل ذلك.

كانت الحاجة أم طلال كبيرة من الجنوب، فما إن تبلّغت خبر وفاتها حتى اغرورقت عيناي بالدموع حزناً على فقيدة بلدة الخرايب بشكل خاص والجنوب بشكل عام وحزناً على رحيل المرأة المؤمنة، الأم المثاليّة ومناصرة الضعفاء والحق. لقد خسر أهالي الجنوب وخصوصاً المستضعفين منهم إحدى أبرز النساء وأكثرهم تعلّقاً بالأرض وبجنوب الوطن.

إنّ قيمة المرحومة الحاجة أم طلال هي أكبر من كتابة هذه الأسطر، لكن يتوجّب على الأوفياء الكتابة عن الشرفاء لكي يعرف الجيل الجديد وبالأخص الأبناء معنى كلمة أم. فلا عائلة صالحة بدون أم فاضلة ومؤمنة، ولا أولاد صالحين بدون أم تُضحي في سبيل عائلتها.

رحم الله الحاجة أم طلال حمود التي فارقت الحياة في هذه الأيام الفضيلة مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، أيام الخير والبركة، أعادها الله عليكم بالصحة والعافية. أسكنها الله فسيح جنانه وأمدّكم بمزيد من الصبر والسلوان. تعازيّا الحارة لأولادها الأوفياء وأسرتها وأشقائها ولكم جميعاً، وإنّ لله وإنّ إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى