توقيع فوق الشمس / قصة قصيرة/ بقلم القاصّة نور الهدى شعبان- سوريا

توقيعٌ فوقَ الشَّمسِ
قطارُ الطَّريقِ الطَّويلِ المتعرِّقِ من صيفِ الذَّاكرةِ الحارقِ ،
يسألُ جلَّادَ الأرواحِ المرهقةِ عن رأفةٍ من طولِ الانتظارِ ..
يسألُ موجَ البحرِ عن المارَّةِ المغتسلينَ بالشَّوقِ ،
هل كانَ قاصداً شهادةَ زورِهِ على حكاياتِهم أمْ أنَّ الجريمةَ لمْ تكنْ متقنةً ؟
يسألُ الأرصفةَ والطُّرقاتِ ، هل احتفظَتْ بباقاتِ الابتساماتِ المغمَّسةِ بالشَّغفِ والشَّغبِ بينَ الأزقَّةِ الَّتي أضنَتْها أعباءُ من مرَّو بالخذلانِ ؟
ترمقُ الحجارةَ المرصوفةَ هنا وهناكَ ..
تخبرُها عن رسائلٍ خُطَّتْ بالدَّمعِ على أوراقٍ ملتهبةٍ بالحنينِ …
شروق : تُرى ما الَّذي حصلَ يا حسن هل كنْتَ حقَّاً تبحثُ عن أشلاءِكَ الممزَّقةِ في مدينتي الهاربةِ من استبدادِ المحكمةِ وحكمُها الجائرُ ؟
هل حقَّاً أحرقْتَ كلَّ أوراقِكَ لتكتِبْني على وجهِ مساءَك القصيدةَ الأشهى ؟
طالما كنْتَ تناديني باسمي بشغفِ مسافرٍ أضناهُ اللَّيلُ القاتمُ وهوَ يتأمَّلُ فجراً على مقاسِ حلمٍ عاجزٍ سبقَتْهُ أرانبُ الحظِّ والتهمَتْ من حقولِهِ أعشابَ الأملِ ..
حسن : بإمكانِكِ أنْ تسألي عرقي المنكسبَ على صدرِ مدينَتِكِ الحزينةِ كيفَ سقطَ بينَ شقوقِها الجافَّةِ …
بإمكانِكِ أنْ تهمسي لأناملِكِ الَّتي عزفَتْ على تجاعيدَ وجهي المنهكِ من انتظارِ الِّلقاءِ ..
شروق : هل سنحتسي خمرَ تساؤلاتِنا في الظِّلِّ دوماً يا حسن ..
والمحكمةُ الجائرةُ تحرقُ بيننا لذَّةَ الِّلقاءَ الَّذي اخترقَ مسافاتِ الظَّهيرةِ لنهارٍ عجوزٍ لا يقوى على النَّظرِ بعينِ الحكمةِ حولَنا ، ويناولُنا بعضَ سكونٍ يغفرُ خطايا الضَّجيجِ الَّذي اغتالَ المكانَ ..
حسن : لا تسابقي الزَّمنَ يا مدينتي المنكوبةِ بالأوجاعِ والانتظارِ .. تجاهلي كلَّ الأسئلةِ ، دعينا نغفو على سطحِ ماءِ أحلامِنا فهذا المحيطُ الكبيرُ مليئٌ بالحنينِ ،
دعيني أشدُّ على أصابعِكِ المكسورةِ لأجبرُها ،
أنا المسافرُ أبداً تهْتُ في أزقَّتِكِ فلا تجزعي .. هناكَ على الضِّفَّةِ غصنٌ أخضرٌ ينتظرُ ولادتَنا ، هاتِ يديكِ لنُمضي توقيعَنا على الشَّمسِ ،
فاليومُ اعتقَتْ فضاءَها والتحفَتْ ظلَّنا المحلِّقَ فوقَ الهشيمِ .
