مقطع من رواية “ظل الشوك”للروائي التونسي الأمين السعيدي

مقطع من رواية “ظل الشوك”للروائي التونسي الأمين السعيدي
مازالت هنية تحدث صاحب السيارة بما حدث حتى سمعت نهيق الحمار بجانب الدار،لقد عادت زبيدة وارتسمت على وجهها ابتسامة عريضة رغم الألم لتشعر امها بالاطمئنان والسكينة.
نزل بشير من العربة واتجه نحو السيارة ليعرف من صاحبها وماذا يريد؟
اقترب منه مسلما بالاشارة والكلام من بعيد دون مصافحة لأن خطر العدوى بكورونا مازال يسكن عقول الجميع.
رد السلام ثم قال وهو يمسك ورقة بين يديه:
سي بشير بن عبدالله الطوعي،انت لم تحترم التراتيب البلدية وشروط البناء عندما قمت ببناء سور يحيط بنزل الحياة على شاطئ البحر وهذا السور صدر فيه قرار هدم وسينفذ اخر هذا الاسبوع، فلتوقع هنا.
لم يفهم بشير شيئا من كلام الرجل ولكنه تذكر ماقالته يسرى عندما زارت القرية وهو مادفعه الى التوقيع،ثم تظاهر بالمزاح قائلا:أي نزل؟ وفي أي مكان من الساحل؟
قال الرجل:عندك ثلاثة مأوي على شاطئ البحر وقد ذكرت لك اسم المأوى الذي صدر في سوره قرار الهدم،انه نزل الحياة على شاطئ السلام.
أنت اشتريت من يسرى ابنة الياس بالحاج املاكك كلها،وهي الآن مغلقة،وهذا سبب خسارة للوطن.
الم يعلمك رئيس البلدية بأن حظر الجولان قد انتهى وعادت كل المحالات الى العمل بعد أن تخلصت البلاد من ذلك الوباء؟
اضطرب بشير فكان مرة يقول:نعم اعلمني،ومرة يقول: لا رئيس البلدية لم يعلمني بشيئ،وحتى يسرى لم تخبرني بالبيت!
لم يفهم الرجل شيئا من كلام بشير فطلب منه الذهاب في الغد الى بلدية المدينة ليعرف ما الذي سيهدم من جدران المنزل.
قال بشير:نعم ،نعم.غدا،غدا…
غادرت السيارة القرية تطوي الأرض طيا نحو المدينة ودخلت هنية الغرفة بعدما تمكنت من مساعدة ابنتها على الوصول الى فراشها،وبشير الذي عذبته الايام وفتحت له الابواب عديد المرات ولكنها ابت أن تجعله سعيدا او ان تكتمل سعادته.
لم يفهم الآن ما الذي يقوله وما الذي يفعله !
هل سيخبر عائلته بما قاله الرجل او ان الأمر يتطلب قليلا من الصبر؟
واذا لم بخير هنية بأسباب قدوم السيارة إلى المنزل فانها ستلح في السؤال لأنها ماتعودت قط على قدوم غرباء اليهم،وان أهل القرية كذلك فيهم من تفطن إليها وهي امام المنزل !