إنَّها العصافير…قصة قصيرة
الشاعر ماهر العبدالله
كانت متعة الطفل كبيرة بحجم براءة أحلامه ، هواء الريف منعش وممتع ، سكونٌ لا يجرحه سوى تغريد العصافير المندفعة مع بداية الصباح الندي ، أطربه هذا المزيج الساحر من الموسيقى ، فوقف على سريره ممعنا النظر عبر النافذة المشرفة على حديقة المنزل والسهل الفسيح . كانت العصافير تتراقص على الأشجار والورود كأنها في مهرجان زفاف الشمس للقمر .. مرَّرَ أصابعه الندية على وجه والده قائلا : أتسمع يا أبي تلك الأصوات الجميله ؟ فأجابه الوالد : إنها العصافير تطلق موسيقاها احتفاء بك كي تستيقظ لمشاركتها بهجة الصباح ، ابتسم الطفل و سرح بخياله حتى وصل الى مدى تصفيق الأجنحة وأبعاد النغم .
البارحه صباحاً ، استيقظ الطفل مرعوبا قائلا لوالده ، ما هذه الأصوات يا أبي ، هيا بنا نعود إلى المدينة ، لقد وقعت الحرب ..!!. هدَّأَ الوالد من روعِهِ واحتضنه قائلا : لا تخف يا بني ، تلك هي أصوات بنادق الصيادين ، انه موسم الصيد ، وسيهدأ إطلاق النار عما قريب . علت الدهشة وجه الصبي وسأل : وماذا يصطادون ؟ أجابه الاب : يصطادون العصافير .. بدا الحزن واضحا بصوت الطفل وهو يسأل ؟ أيقتلون عصافيري الجميله ؟ لماذا ؟ وكيف أصحو على موسيقاها بعد اليوم ؟ أجابه الاب : يصطادونها للأكل فهي لذيذه … اغرورقت عينا الطفل بالدموع وهو يسأل أباه مجدداً : وهل تؤكل الموسيقى يا أبي ؟؟ أنا حزين وأخافُ أن أغني في صباحٍ تقتل فيه العصافير الجميله ..!!