“المكنسه”لبنان في البئر”الجنون”مجموعة قصائد بقلم الشاعر عصمت حسّان

المكنسه
صاروا بشيطنةِ العقولِ
مؤسّسهْ
وبلعبةِ التزييفِ أكبرَ مدرسَـــهْ
سبقوا الأبالسةَ اللئامِ
بلؤمهمْ
وغدوا النوابغَ في دروسِ الأبلسهْ
أكلوا الخضارَ
وكلّ حقلٍ يابسٍ
صرخوا ترى لبنان من ذا يبّسَهْ
واستزلموا الإنسانَ
في نزواتهمْ
حبسوا العقولَ
ووظفوهُ ليحرسَهْ
همْ أورثونا الذلّ
صرنا هامشاً
ونقولُ عن لبناننا ما أتعسَهْ
حتى الرغيفَ استعبدوهُ
بلعنةٍ
قولوا رغيفَ الفقرِ من ذا سيّسَــهْ
والماءُ والبنزينُ كيف بلحظةٍ
صارا متاعاً
في الحياة مقدسهْ
والكهرباءُ غدتْ بقدرة قادرٍ
بنتَ الظلامِ
غريبةً ومدنّسهْ
وقروشنا البيضاءُ ضاعتْ كلها
وحياتنا السوداءُ
صارت مبخَسَهْ
ومدارس الأطفال صار وجودها
بؤساً
وسلطانُ الأذى ما أبأسَهْ
طوبى لقطّاعِ الطريقِ
جميعهم
جعلوا البلاد تصيرُ أشهر مومسهْ
فمتى تقوم الناسُ
من خذلانها
صارت أقانيمُ الخضوعِ مكدّسهْ
والحلُّ في صحو الشعوبِ
وعزّها
لا أن تظلّ على ضمير الفهرسَهْ
تحتاجُ مجروداً وعزمَ مقاتلٍ
وضميرَ أبطالٍ
وأكبر مكنسهْ
لبنان في البئر
أخفيتُ وجهكَ في نبضي
وفي سرّي
كيوسفَ الطفلِ في إغفاءة البئرِ
وقلتُ للريحِ
ها قلبي غدا قمراً
يجوبُ في الليلِ بين السفحِ والنهرِ
وقلتُ للماءِ
قل للنايِ يأخذني
نحو المغنينَ أعطي للنوى خمري
وقلتُ للذئبِ
خلِّ النابَ حانيةً
مذْ غاب عني انحنى من لوعةٍ ظهري
وقلتُ للصبر ها أيوبُ شابهني
وفاقَ أيوبَ
في عشقِ الظنى صبري
أوميتُ للركبِ كم في البئرِ
من وجعٍ
فتابع الركبُ لا يدنو إلى قهري
وقلتُ للحقلة الجرداءِ
ها وطني
في لجّة البئر
يسترخي على نحري
كم قطّعوهُ وظلّ العمرَ
يحضنهمْ
يا ويلهم ألقموا جمرَ الأذى عمري
لم يطعموهُ
وكان القمحُ في يده
لم يُشربوه
وقادوا للظما نهري
لم يسعفوهُ
وكان القهر ذابحَهُ
ظلتْ دماهُ على بابِ الصدى تجري
يا يوسفَ الطفل
يا طفلي
ويا وطني
يا بحةَ الناي في تكشيرةِ الأسرِ
أجيالُ مرّتْ
وظلّ البئرُ يصرخهمْ
قوموا انقذوهُ
فما قاموا إلى نصري
أرسيتُ قربكَ أحزاني
وقافيتي
وقلتُ تبعَثُ يا لبنانُ
في شعري
الجنون
هذا نظامٌ من ورقْ
هو قبل يقتربُ اللهيبُ من الهشاشاتِ
احترقْ
هو قبل ترتفع المياهُ بموجةٍ حمقاء
أدركهُ الغرقْ
هو فاق بالإفسادِ
ما يأتي من الأقذارِ قاطبةً
وجاوزَ ما سبقْ
هذا نظامٌ من ورقْ
وجميع ما يأتي على يدهِ الخرابْ
باعَ المدائنَ
والمزارعَ
والترابْ
أخذ الجميعَ إلى مدار الوهمِ
وابتكرَ السرابْ
وأحلَّ سفكَ الشمسِ
في فصلِ الغسقْ
هذا نظامٌ من ورقْ
يبني قصورَ الوهمِ في أرض الجليدْ
ويرى بذورَ الإفكِ
في القولِ السديدْ
ويحاججُ الغافين بالرأي العنيدْ
ويظنُّ قد كسبَ السبقْ
هذا نظامٌ من ورقْ
والذلُّ أوَّلهُ الخضوعْ
حين الشموسُ تضيء عتم الكونِ
نهربُ للشموعْ
حين المدائنُ تحتفي بالفرْحِ
نغرقُ بالدموعْ
والكلُّ كرتونُ الملذةِ والشبقْ
والكلُّ يكفرُ بالنجومِ العالياتِ
ويدَّعي آيَ الفلقْ
والكلُّ ماتَ وما انخلقْ
من لحظة الميلادِ أسلمنا اللصوصَ
حراسةَ المعنى
وأغمضنا الحدقْ
يا أيها الشعبُ الذي سرقوهُ في كل المواسمِ
ثم قامَ إلى الجنونِ
يعيدُ سيرةَ من سَرقْ
الشاعر عصمت حسان رئيس منتدى شواطئ الأدب بشامون الضيعه