الحياة العلنية للكاتب..
بهرجة إعلامية أم ضرورة ثقافية؟
الحياة العلنية للكاتب..
بهرجة إعلامية أم ضرورة ثقافية؟
بختي ضيف الله
تعد الملتقيات والندوات والمحاضرات والأمسيات وغيرها.. من أهم النشاطات الثقافية لأي بلد.. يعالج رجال الثقافة، من بينهم الكتّاب، فيها كثيرا من القضايا المختلفة في مجتمعهم، بالمناقشة الجادة والطرح المعمق، إضافة إلى إبراز قدرات ومواهب المبدعين في شتى الفنون الأدبية وغيرها، في جو من التجاذب و المثاقفة والتواصل…
ولكن ما يثير انتباه كل متتبع لهذا الشأن هو تكرار المهتمين به كأنّ الأمر لا يعني غيرهم في شيء، ربما لاحتكار منهم، أو لامبالاة من غيرهم..
ولكن أليس وراء ظهور هؤلاء خلفيات ومقاصد تخدم أصحابها أولا وقبل كل شيء، ربما حبا في شهرة أو طمعا في منصب، أم أن للثقافة رجالها من كتّاب وأدباء وفنانين.. تجدهم في الصف الأمامي للمشهد كما لساحة الحرب رجالها؟
من خلال مجالساتي لكثير من الكتّاب من مختلف التوجهات الدينية والسياسية والأدبية حتى بين أصحاب التوجه الواحد، تجد ثمة صراعات خفية حول من يقود القافلة؛ لذلك تجد نفسك مجبرا على طرح أسئلة أخرى، محيرة أحيانا..
– لماذا يختار صاحب القناة- مثلا- كاتبا بعينه، تتكرر صورته كل مساء؟ ألا يمل المشاهد أو السامع من تكرارها؟ أنا هنا اخترت هذا السؤال بدقة متناهية،لأنه من يومياتنا.. قد يكون هذا المشهد صالونا أدبيا، أو قاعة للمحاضرات..
– ألهذا الحد تكون شهوة الشهرة؟ حتى أنك تجد صاحبها يعمل كل ما في وسعه من أجل أن يكون من بين الحاضرين ومن أبرز المناقشين في تلك الحصة أو المحاضرة حتى يشار إليه بالبنان بأنه الكاتب الأوحد.. يستغل علاقاته الشخصية من أجل الحصول على بطاقة دعوة..يعلن ذلك في حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي.. قد تكون هذه الدعوة على حساب من هم أجدر بها منه لما لهم من إلمام بموضوع الملتقى وغيره..
ولكن، أليس من الظلم أن نعمم هذا العمل المشين على كل كاتب؟ فهناك من هو جاد ومثابر في حقل الكتابة، يبحث عن الأفضل لمجتمعه حتى يكون في أبهى صورة.. يخشى أن يضيع، بتعففه وابتعاده عن الظهور، على (قرائه) فوائد جمة هي بين ضلوعه وبين أوراق دفاتره المكدسة هنا وهناك..
على المستوى الشخصي، كانت لي تجربة في عالم الحروف الجميلة والكلمات الصادقة، احترمها كثير من الأصدقاء وثمنها.. كم كنت بعيدا عن الأضواء.. بعيدا جدا.. لأكثر من خمس وعشرين سنة، منطويا على نفسي أكتب وأنشر على استحياء في الجرائد والمجلات الجزائرية: الشعب، والاتحاد، والحقيقة.. والعربية: مجلة الجيل وغيرها.. باسم مستعار (المعتزبالله)، هذا الاسم الذي لا يزال بجانب اسمي واسم عائلتي.. استحسن الكل أشعاري ومقالاتي وقصصي دون أن يعرفوا من هذا الشخص تحديدا.. أرى أن كتاباتي ليست في المستوى المطلوب.. أخشى أن تدخل مختبر النقد الجاد..
الآن أقول أن على كل مبدع أن يقدم ما لديه، شاهرا قلمه، متأبطا دفتره، غير متخف خلف خجله وخوفه، متخلصا من فوبيا الظهور، كذاك الذي يخاف الأماكن المرتفعة..
إنني أدرك المعني الحقيقي لخسران قارئ يحترمك جدا ولكنك لا تفقه احترامه لك..
أنت لم تعلم أنه وجد ذات صباح في سلتك للمهملات قصاصة لك، عليها أشعارك، وإمضاؤك..وندمك..