أدب وفن

زرياب و أسماك البحيرة/قصة قصيرة

ماهر العبدالله

نام الطفل بحضن والده ليلا طلبا للدفء والحنان ومنتظرا حكاية ما قبل النوم .. ثم بدأ الوالد بسرد الحكايه :
” كان في قديم الزمان بحيرة ورديه ، وبقربها كوخ متواضع تظلله شجرة سنديان باسقة ، يسكن الكوخ حطاب فقير وعائلته . فكر الولد الاصغر بمساعدة والده ، ادخر من مصروفه واشترى صنارة لصيد السمك ، قصد البحيرة صباحا وانتظر ..كانت المياه تداعب قدميه والأسماك بعيدة المنال ، اعتراه الملل ، فبدأ بالغناء .. لحظات مرت ، وإذا بالاسماك تتكاثر حتى بات يلتقطها بيديه لوفرتها ، وضع الكثير منها في وعاء مملوء بالمياه ، وقصد السوق لبيعها . وقف مطلع السوق ، ونادى باعلى صوته ” طازه يا سمك” .. فضحك الطفل من كل قلبه ، وتابع الوالد :
تحلق الناس حول بائع السمك الصغير ، الولد ينادي بأعلى صوته ، والناس تبتسم دون أن تشتري ، استغرب الولد كثيرا وأصاب صوته الشجن ، وفجأة ، خرج من بين الناس رجل أنيق يدل مظهره على مكانة رفيعه ، أفسح الحاضرون له الطريق وحيوه بمنتهى الإحترام ، دفع الرجل ثمن السمك اضعافا وقال للولد : خذ الأسماك الى بيتك وسأتبعك . فرح الولد كثيرا ، سار باتجاه الكوخ وتبعه الرجل الذي أثيرت دهشته بصوت الولد الجميل الساحر .
وصل الرجل الى مشارف الكوخ ، استقبله الحطاب بالترحاب فبادره الرجل بالسؤال : هل الولد صاحب الصوت الجميل إبنك ؟ اجاب الحطاب مزهوا : نعم ، اتريده أن يغني لك ؟ فرد الرجل : ان تكرمت علي بذلك ، رفع الحطاب قامته وسأل : لكني لم اتعرف عليك سيدي ،
أجابه الرجل : …زرياب …
إسم لمجرد لفظه كاد أن يتسبب للحطاب بالإغماء ..
ومن حينه ، زرياب يعلم الولد أصول الغناء ، وأسماك البحيرة الوردية تنتشي وتتمايل طربا … !!!

*محامي ،شاعر و قاصّ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى