الصمت
وأعصرُ الحرفَ لما أنتشي
خمـرا
أروي المساكينَ
يجري مدمعي نهرا
أصبُّ قلبي على الأوراقِ
بي عطشٌ
لكلّ داليةٍ
قد أنجبتْ شــعرا
وأمنحُ السرَ للأنسـامِ
يخذلني
أنَ النسائمَ تفشي للهوا السّرا
سابقتُ يوسفَ في الأحلامِ
أسألهُ
هل كانَ أولُ حلمٍ في المدى
بئرا
وهل تآخى وذئبَ الليلِ
ذاتَ غوىً
وقطّعَ الحبلَ نحوَ الأهلِ
والجسرا
وهل بُراقُ رسولِ البيدِ
رافقني
لما سرى النورُ
شعري حالماً أسرى
وهل همستُ لحوتِ البحرِ
أحجيةً
حتى غدا البرُّ في أوراقيَ
البحــرا
جرحُ النبيّينَ دفّاقٌ
إذا صمتوا
وخافقُ الشعرِ
صانَ الجرحَ والمجرى
وأسكبُ الخمرَ كالترياقِ
في زمنٍ
لكثرة الصمتِ
صارَ الموتَ والقبرا.
الحجّاج
طاطي برأسكَ فالجميعُ نعاجُ
لا ينطقونَ
على القلوبِ رتاجُ
يتأرجحونَ ولا حبالَ تشدّهمْ
همْ دميةٌ
يا صاحبي مغنـــاجُ
هم في البَواحِ حناجرٌ مقفولةٌ
يستمتعونَ
بأنهمْ أفواجُ ..
خلفَ الرغيفِ
وخلفَ كلّ مقامرٍ بمصيرهم
ويقودهم مهباجُ
يترنّحونَ
كأنما في مسلخٍ
عرفوا أخيراً
لا تثورُ دجاجُ
في أسفلِ القيعانِ ذلُّ خضوعهمْ
ويجادلونَ
بأنها أبراجُ
في القيدِ صاروا يرسخونَ
بعتمةٍ
لا شمسُ فيها تشتهى وسراجُ
تلكَ الوجوهُ الكالحاتُ قناعهمْ
لا ضحكَ ينفعها
ولا مكياجُ
هم أدمنوا لسعَ السياطِ
ظهورهمْ محنيةٌ
كي يرتوي الكرباجُ
فلمٌ دراميٌّ نعيشُ فصولهُ
لا ينتهي
وغباؤنا الإخراجُ
نحتاجُ نسدلُ كي نفيقَ ستارةً
وأظنُّ وعياً صارخاً
نحتاجُ
وأظنُّ سيفاً يستبيحُ
رقابنا
ويقومُ يخطبُ هادراً
حجّاجُ
الأزمنة
إلى الأمس والقادم من السنوات
حملي ثقيلٌ في مضيقِ الأزمنهْ
وقصائدي
ناءتْ على بابِ الســنهْ
أغلقتُ عن نهرِ الخطاةِ محابري
ووقيتُ حرفي
من جنون المطحنـهْ
من ألف عامٍ
والجنونُ مراوغٌ قلبي
وأرفضُ أن يقولوا دجّنَهْ
فأنا حروفي كالصغارِ
بريئةٌ
وبسرّ رفرفة الفراشةِ مؤمنهْ
وأنا قوافيَّ الصباحُ
طريقُها
رسمتْ على جهةِ الشموسِ الأمكنهْ
زرعتْ ديوكَ الفجرِ
نايَ قرنفلٍ
ليفيقَ من داخوا بوهمِ السلطنهْ
ومشتْ على سطرِ المياهِ
غزالةً
كتبتْ نواقيسَ الشذى والمئذنهْ
حملي ثقيلٌ
والسنون ثقيلةٌ
تجري وقلبي سائسٌ للأحصنهْ
لما يموتُ الوقتُ
أُبعَثُ نبضةً
كيما أعيدَ صدى الوجوهِ الممكنهْ
ماذا أخبّرُ شمعةً أطفأتها
الأمسُ أحلى
من خرابٍ أدمنَهْ
والأمسُ جدُّ اليومِ
يومي لم يزلْ
طفلَ المجيءِ على سرير المسْكَنهْ
وأنا غداً سأقولُ لن أرضى
غدي
وأردُّ عاصفةَ الزمانِ بسوسنهْ
الشاعر عصمت حسان رئيس منتدى شواطىء الأدب-بشامون الضيعة
