مقالات واقوال مترجمة

من قصيدة للشاعر المكسيكي خوسيه إميليو باتشيكو/ترجمة عبد القادر الجنابي

من قصيدة للشاعر المكسيكي خوسيه إميليو باتشيكو

  • ترجمة عبد القادر الجنابي
[ أنا أكتب وهذا كلُّ ما في الأمر. أكتب. أهيّئ نصف
القصيدة.
فالشعر ليس علامة سوداء في صفحة بيضاء.
أُسمِّي شعراً مكانَ الالتقاء
مع تجربة الآخرين. فالقارئ، القارئة،
هو الذي سينظُم، أو لا، القصيدة التي وضعتُ صيغتَها الأوليّة.
نحن لا نقرأ الآخرين: وإنما نقرأ أنفسَنا فيهم
يبدو لي كمعجزة
أن شخصاً لا أعرفه يستطيع أن يرى نفسَه في مرآتي.
«وإن كان ثمة فضلٌ في هذا»، يقول بيسوا
«فهو يعود إلى الأبيات لا إلى كاتبها».
وإذا كان هو مصادفةً شاعراً كبيراً
لترك أربع أو خمس قصائد أثيرة
وسط مسوّدات وصيغ باءت بالفشل.
أما آراؤه الشخصية
فهي فعلاً قليلة الأهمية.
غريبٌ عالمنا: كلّ يوم
يزداد الاهتمامُ بالشعراء؛
وبالقصائد يتناقص.
كفَّ الشاعرُ عن أن يكون صوتَ قبيلته
هذا الذي يتكلّم نيابةً عن الذين لا يتكلّمون.
فقد باتَ تسليةً أخرى لا غير.
نشواته الخمرية، مضاجعاته، ملفّه الطبّي،
تحالفاته أو معاركه مع سائر مهرّجي السيرك،
أو مع لاعب العُقلة أو مروّض الفيل،
كل هذا ضَمَن له ازدياد معجبيه
الذين لا رغبة لهم في قراءة القصائد
ما زلت أعتقد
بأن الشعر شيء آخر:
شكل من أشكال الحبّ لا يوجد إلا في الصمت،
في مكان سرّي بين شخصَين،
نادراً ما يعرف احدُهما الآخر.
ربّما قد قرأتَ بأن خوان رامون خيمينيث
كان لديه قبل خمسين عاماً مشروع إصدار مجلّة
اسمها «مَجهولُ المُؤلّف».
ينشر فيها نصوصاً، لا أسماءَ
وتكون مصنوعةً من القصائد لا من الشعراء.
شأن هذا المعلّم الإسباني،
أودّ أن يكون الشعر مُغفَل الاسم كأنه جماعي
(وهكذا هي أشعاري وترجماتي).
ربّما ستقول أنا على حقّ.
قد قرأتَني وأنت لا تعرف اسمي.
سوف لن يرى احدنا الآخر، لكننا أصدقاء.
وإذا أحببتَ قصائدي فيا تُرى
مَن يهمّه إذا ما كنتُ أنا كاتبها، أو شخصٌ آخر، أو لا أحد
في الحقيقة القصائدَ التي قرأتَها هي قصائدُكَ
إنك أنت، مؤلِّفها، الذي يبتدعها عند قراءتها.]ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى