الخيوط المتشابكة …!!!/بقلم و عدسة الكاتبة مريانا أمين
الخيوط المتشابكة….!!!
هذه الخيوط المتشابكة التي أطلق عليها في بلاد الشرق إسم “المشبك” مجرد أن وقع نظري عليها في سوق شعبي في شمال فرنسا أخذتني بكل مكوّناتها الى بلاد الشرق، لطحين قمح بلادنا المسحوب من سنابل شقراء محصودة من حقول الفلاحين بسهول البقاع وطحين الذرة الذهبية التي رسمها الفنانون وشبهوها بفتاة شقراء بشعرها المجدول والسكر الذي أخذه أجدادنا بعرق جبينهم من قصب السكر،
فماء زهر البرتقال الفلسطيني وماء الورد الدمشقي الذي لا يضاهيه عُطر برائحته المميزة،
رغم كل هذه المكونات التي يعتبرها كثيرون بسيطة لكنها مكونات رخيصة الثمن بالنسبة لغيرها من المكونات مقارنة بالحلويات التي تحتوي على الصنوبر البلدي والفستق الحلبي والزعفران الفارسي..
ورغم اختلاف الروايات التاريخية حول أصلها وفصلها فأهل دمياط ينسبونها إليهم والأتراك والسوريون والهنود إلا انني أُعيد نَسبها إلى طفولتي وأيام العيد، في جبل عامل عندما كانت جدتي توزعها على الأحفاد لتصرخ علينا أمهاتنا بسبب القطر المتدلي من بين اصابعنا الساقط على سجادة عجمية في الصالون أو ما يسمى ” البساط” البلاستيكي المطروح في المطبخ الذي يصعب عليهم تنظيفه لأنه يتحول للحظات إلى ” دبق” لاصق يشوّه المنظر العام …
رغم هذه الرحلة في بلاد المشبّك وكل جمال هذا القرص الذي يشبه قرص الشمس في جماله إلا انني لن أشتريه لأتلذذ بطعمه لسبب أصبح يعاني منه أغلبية المهاجرين والمسافرين إلى بلاد الاغتراب في هذه الحقبة الزمنيه…
فمجرد سؤالي عن ثمنه تصدر الآلة الحاسبة أو ما يسمى “حساب نسواني ” في بلادنا لأكتشف أن ثمن القرص الواحد يورو ونصف ما يوازي تقريباً أربعين ألف ليرة لبنانية…
فكيف لأعصابي أن تتحمل أكل قرص واحد تستطيع أن تأكل بثمنه عائلة لبنانية ثلاث ربطات من الخبز أي حوالي عشرين رغيفاً من قمر الفقراء البعيد…
أعتقد سأبقى على هذه الحال حتى تعود ربطة الخبز إلى مضجعها الحقيقي ومكانها في إحدى زوايا المطبخ بسعرها المدعوم!
وإلا فسأطهو أقراص المشبك في المنزل حتى لو بقيت رائحة الزيت أسبوعا كاملا على الجدران والستائر..
كل عيد وأقراص المشبك بخير.