أمْسِكْ بقاياكَ .. يكفي مِنْكَ مَا رَحَلا/ بقلم الشاعر علي وهبي دهيني
الشاعر الكبير مظفّر النَّوَّاب
أمْسِكْ بقاياكَ .. يكفي مِنْكَ مَا رَحَلا
كأنَّكَ الظلُّ يَعلو كُلَّما انتقلا
أينَ المفرُّ .. ووردُ العمرِ محترقٌ
والموطنُ الذِّئبُ من أكبادِنا أكلا
هبني فضاءَكَ .. طوفانًا على لُغتي
كي يُصبحَ الحرفُ في كفيَّ مُشتَعِلا
فَالشِّعْرُ ثورةُ أقلامٍ مُضرَّجَةٍ
والمجدُ وحيٌ على حرفيكَ قد نَزلا
نحنُ المواويلُ .. هل يدنو لسُمرتِها
نخلُ العراقِ الذي من غُصنِكَ اعتدَلا
ننسلُّ من دمعةٍ حيرى بلا مطرٍ
وأجملُ الدَّمعِ يا اللَّهُ ما ارتُجِلا
قُمْ عَاندِ الموجَ .. صُغْ من ملحِهِ سُحُبًا
إنِّي ببحرِكَ قلبٌ يعشَقُ البللا
أدخلتَ للقدسِ وعداً مِن نوافذِها
لم يجرؤِ الكونُ لكن أنتَ مَنْ فعلا
وصلتَ قبلَ المدى والريحُ مُنهكَةٌ
فكيفَ للريحِ أن تنسى الذي وَصَلا
يَبدو على وَجهِكَ التاريخُ قافيةً
والشِّعرُ كان شهيًّا كُلما ثَمِلا
وكُنتَ تفضحُ للساعاتِ عَقْربَهَا
والبعضُ أسرجَ في عتمِ الدُّجى جَمَلا
لمَّا رَجِعْتَ من المنفى بلا كفنٍ
غَنَّت لكَ الأرضُ .. غنَّى القبرُ وابتهلا
وأشرقَ الشعرُ في عينِ الثَّرى شُهُباً
ما أضيقَ اللَّحدَ إنْ ألقوا به جَبَلا