لا أعرف من هو نديم شرفان ، ولا يهمني إذا كان من قرطبا أو من مرجبا ، ولا تهمني ديانته أو مذهبه، ولا أعرف من هنّ الراقصات الميّاسات الـ 31 في فرقة ” ميّاس” ولا دياناتهن وطوائفهن ومذاهبهن ، ولا يهمني أن أعرف.
كل ما أعرفه أن الفن هو أرقى ما يصدر عن بشري ، وأنه لا يلوذ بالفن الحقيقي٦6٥ سوى أصحاب الأرواح غير المنكسرة، أو تلك القابلة للترميم، سوى صناجي وكنارات الروح القدس..وأن روح الطفولة لا تشفُّ سوى على صوت تهويمة أمٍ رؤوم.
كل ما أعرفه أنني شاهدت واستمتعت وقدّرت عرض فرقة ميّاس ، ولا يهمني إن كان أمام “أمريكاز غوت تالنت” أو ” أفغانستانز غوت تالنت!!”، وأن تناغم أجساد شاباتها كان موشحاً أندلسياً واندماجاً صوفياً وروحاً من شرقٍ بعيد ..كان ثمرة تدريب وحلم وجهد وثقافة حياة ..كان إصراراً على أن الجسد مركز موسيقى الكون وأبجدية الخطوة الأزلية.
وما أعرفه أيضاً، أن أصواتاً مبحوحة لم تطرب لوترٍ في حنجرة أو تمييس في خصر ، خرجت تهاجم الشابات الميّاسات، وتتنمر عليهن، وتنعتنهن بالجواري والغانيات ، وهؤلاء في قعر عقولهم ينتظرون الحور العين والغلمان المخلدين..والأنكى أنهم يستكثرون على بعض اللبنانيين فرحهم واعتزازهم بفرقة تعبت ووصلت في زمن انفجارات المرافىء والمصارف والأخلاق و..سيطرة الزبالات السياسية.
إنها ثقافة التدعيش الثقافي والتكديش المعرفي،..اتركوا الناس تفرح كما تشاء، وليفرح كل منكم على طريقته ، وليستمع لما يحب ويلتجىء لأي فن أو زاوية يريد، أما الاستهزاء بالجهود وثقافة الآخر فهو عين الوقاحة وقلة الحياء، ودليل على انشطار المجتمع إلى مضارب كثيرة.
بالله عليكم ..هل رأيتم موسيقياً أو راقصاً يقتل هرّاً؟!..
هل رأيتم رساماً أو ملحناً أو أوبرالياً، مع إدخال تاء التأنيث عليهم جميعاً، في جبهة النصرة أو مع طالبان أو داعش وأخواتها الأخونجيات؟!
مبروك فرقة ميّاس، وتالله لا أعرف منكم أحدا ، بعد أربع سنوات من الإصرار تقطفون كَرَزَ الانتصار، وسرّني ما عبّرت عنه كاترين زيتا جونز-وأعترف أنني معجب بجمالها-، على لوحتكم، المنتضاة من الآلهة الهندية”شيفا”، عن الإمرأة ذات الألف يد، أو ما قالته صوفيا فيرغارا التي منحتكم الباز الذهبي:” ما رأيناه، هو أجمل وأبدع عرض راقص أراه في حياتي”، وما قالته هايدي كلوم:”عرضتم لنا جزءاً من ثقافتكم الجميلة جدًّا، كان عرضاً متألقاً”، يضاف إلى ذلك ما قاله سايمون كويل “إنها الرقصة الأجمل التي رأيتها في البرنامج على الإطلاق”.
أيتها الميّاسات ، رقصكن قُدَّ من فرح وحزن وغضب ولوز وألوان نوّار، وفي الزمن اللبناني الكسيح كنتن بارقة فرح.
نديم شرفان ..أكمل زركشةَ أحلام الأرواح وانهل من موسيقى الشعوب وادلق ماءها على تقاطيع الأجساد.
ملاحظة: لمن يرغب بنغمشة روحه، الڤيديو مثل البهار على اليوتيوب.
مجدل ترشيش 26 حزيران 2022