أدب وفنمقالات واقوال مترجمة

ان تصل متأخرا خير من أن لاتصل أبدا: ستة كتّاب انتصروا في شيخوختهم و كتبوا أجمل روائعهم …!!!

ترجمة / سمية تكجي

المصدر / infobae

ان تصل متأخرا خير من أن لاتصل أبدا: ستة كتّاب انتصروا في شيخوختهم و كتبوا أعظم روائعهم الأدبية


من ميغيل دي سرفانتس إلى اورورا فانتوريني نستعرض ستة كتَّاب لم يصلوا إلى الشهرة إلا في المرحلة الأخيرة من حياتهم…!!!!

ميغيل دي سرفانتس

عندما كتب سرفانتس رائعته…”دون كيشوت” عام 1605 كان عمره 58 عاما و هذا العمر لا يمكن تصنيفه متقدما في الشيخوخة في عصرنا ، لكن في القرن السابع عشر في اوروبا آنذاك كان متوسط العمر يتراوح بين 50 و 60 سنة . لكن قبل ان يكتب رواية” دون كيشوت “التي تعتبر الرواية الحديثة الأولى و التي طبع و ترجم منها ما زاد عن كتاب الإنجيل- عام 1585 كتب سرفنتس la Galatea-و هي عبارة عن فصول نثرية شعرية تصلح كنصوص مسرحية ، نالت بعض النجاح ، لكن سرفانتس لم يصل إلى الشهرة إلا بعد 20 عاما مع رائعته ” دون كيشوت” .

اذا اخذنا في الاعتبار الاضطرابات في المراحل الأولى من حياة سرفانتس، لا نستغرب اذا عرفنا انه لم يكرس حياته قبل ذلك للكتابة بل كانت له مآثر أخرى فقد ناضل في صفوف الرباط المقدس في ليبانتو عام 1571 ضد الإمبراطورية العثمانية ، و الرباط المقدس هو ائتلاف كاثوليكي يترأسه البابا بيّو الخامس ، على رغم أن هذه المعركة كلفته فقدان الحركة في يده اليسرى بسبب قطعة من الرصاص مزقت عصب اليد و قد اطلق عليه اعداؤه بسخرية el manco de lepanto- (ديليبانتو، نسبة لمكان المعركة في ليبانتو ، و المانكو هو اللقب الذي ينادى به من تشوهت يده).
لكن سرفانتس كان دائما فخورا بمشاركته في هذه المعركة و قد قال عبارته الشهيرة في مقدمة روايته – دون كيشوت :” إنها الفرصة الأكبر التي رأتها القرون السابقة و القرون الحاضرة و لن تراها القرون القادمة .

خوسيه ساراماغو

حالة أخرى من الروائع الأدبية في العمر المتقدم هي رواية الكاتب البرتغالي الكبير خوسيه ساراماغو الحاصل على جائزة نوبل و قد كتبها و هو في عمر أل 58 بعد أن سبق ذلك فترة كبيرة من الصمت ناهزت العقدين لم يكتب فيهما ساراماغو شيئا و لكن بدا أن هذا الصمت قد نفخ فيه شرها غير اعتيادي للكتابة .كذلك قبل هذين العقدين الصامتين كتب بعض القصائد و رواية صغيرة لم تحصد الكثير من النجاح .عندما سئل عن سر هذا الصمت لعقدين من الزمن قال : ببساطة لم يكن عندي شيء لأقوله ، و عندما لا يوجد شيء للقول فالصمت أفضل.
و منذ ذلك الحين حتى موته عن عمر ناهز 87 عاما كتب ساراماغو بانتظام كتابا كل سنتين أو ثلاث سنوات و قد ترك ثروة أدبية واسعة 50 كتابا تقريبا من مختلف الأنواع الأدبية، شعر،رواية ،أدب الأسفار، رسائل، نصوص مسرحية و غيرها …

دانييل دافويه

و اذا انتقلنا إلى القرن الثامن عشر لا بد أن نتكلم عن كاتب كتب روايته الشهيرة في عمر 58″ روبنسون كروزو “و هي سيرة ذاتية لغريق عاش 30 سنة على جزيرة وحيدا . الكاتب و الصحفي البريطاني هو دانييل دافويه .
قبل كتابة هذه الرواية كان دافويه منغمسا في الشعر و كتابة النصوص الساخرة و بعض الطرائف . لكنها نصوص قصيرة . كما يجدر الذكر أن نشاطه السياسي كلفه ثلاث سنوات من السجن و قد تعرض للتنكيل و الإهانة ، لكن برغم كل ذلك فقد احتشد الناس حوله عند خروجه من السجن و ذلك بفضل قصيدته الرائعة himno a la picota . بعد النجاح الكبير الذي حققته “روبنسون كروزو” 1917 التي استوحاها دافويه من قصة حقيقية للبحار الاسكتلندي الكسندر سلكيرك و الإسباني بدرو سرانو بدأ يكتب في الأدب بحماسة أكبر و كان يدخل مشاهد من حياته الخاصة و يضخ فيها الكثير من الخيال. و خاصة رواية moil Flanders التي روى فيها مشاهد و محاور عن سجن new gate حيث قد استطاع دافويه أن يخلص نفسه من آخر سنوات حكمه عندما تحول إلى جاسوس و كتب الكثير من الكتب حتى وفاته عام 1731 حتى ناهز عددها 30 كتابا. لكن و لا كتاب منها نال شهرة “روبنسون كروزو “.

فرانك ماكَّاورت

حالة أخرى و هي للكاتب الأمريكي -الإيرلندي فرانك ماك كاورت FRANK MAcCourt الذي كتب الرائعة الأدبية وهي عبارة عن رواية سيرة ذاتية ” رماد انجيلا” نشر كتابه في عمر 66 و قد نال هذا الكتاب نجاحا منقطع النظير و حصد عدة جوائز عالمية منها جائزة بوليتسر pulitzer. هذه الرواية ظلت لمد 70 اسبوع على رأس لائحة الروايات الأكثر قراءة في ملحق نيويورك تايمز الأدبي و بعد ثلاث سنوات من نشرها تم عرضها فيلما على الشاشة الكبيرة و قد ترجمت أيضا إلى أكثر من 20 لغة ، في هذه المذكرات روى فرانك ماك كاورت، أشياء غير معروفة عن طفولته القاسية و المعذبة في نيويورك حيث اضطر اهله إلى الرحيل بعد أن فقدوا ستة أخوة له بسبب الفقر و الأمراض.
حتى في ايرلندا لم يحالفه الحظ كثيرا و قد مرت العائلة بكثير من الصعوبات، و اخيرا حين نالت قصته هذه الشهرة ، تم تشخيص إصابة ماك كاورت بسرطان الجلد و بعد معاناة طويلة بسبب هذا الداء العضال الذي افقده السمع و البصر و النطق . لم يستسلم ماك كاورت، بل كتب ثلاث روايات بعد روايته الشهيرة و مات عن عمر 78 عاما .

ألبرتو مانديس

لكن القصة ال اغرب في هذه المجموعة هي للإسباني البرتو مينديس و كتابه الشهير ” عباد الشمس العمياء” الذي يضم 4 قصص هي من وحي الحرب الأهلية الإسبانية و قد تم نشرها في عام 2004 حين كان عمر البرتو 63 عاما، و برغم ان الكتاب نال جائزة النقد السردي و الجائزة الوطنية للسرد و جائزة سيتينيل، مانديس توفي في العام نفسه بسبب السرطان ، من قبل أن يشهد نجاح عمله الأدبي الذي نال نصيبا كبيرا من الشهرة و الذيوع، و قد أصبح الكتاب الأكثر نجاحا في دار النشر الإسبانية anagrama أناغراما.

أورورا فانتوريني

لا يمكن الحديث عن كتّاب وصلوا إلى الشهرة في آخر مرحلة من حياتهم ،دون أن نتكلم حول الكاتبة الأرجنتينية فانتوريني، التي حصدت أخيرا الشهرة و هي في عمر 85 عام عند ما نشرت روايتها ” بنات العم التي حازت على جائزة الرواية الجديدة ص 12 ” .
و قد كتبت فانتوريني ما يقارب 30 كتابا لم تلقى جميعها الإهتمام التي تستحقها . فانتوريني كانت كاتبة تملك ناصية الإبداع و كانت كذلك مترجمة و كانت زوجة الكاتب و المؤرخ فيرمين تشافيز. و كانت تربطها علاقة صداقة بالسيدة الأولى ايفا بيرون و المفكرين الكبار أمثال سارتر،و كاموس عندما كان في المنفى الباريسي و سيمون دي بوفوار.

منذ 2007 و حتى عام وافتها 2015 استطاعت فانتوريني أن تستمتع بنجاحها و الاعتراف بإبداعها الذي لم تصل إليه إلا في شيخوختها و لكن ما كان يلفت الإنتباه و يدعو للدهشة من قبل اللجنة التحكيمية و من قبل القراء الذين اغرموا برواية” بنات العم ” هو هذا المفارقة بين العمر المتقدم للكاتبة فانتوريني و بين كتابتها الطازجة و الحداثوية و كيف أنها تجاوزت نظرائها الذين في أعمار أصغر منها ب 40 و 50 عاما .

ولكن الكتابة في العمر المتأخر لها أيضا وجهها السلبي حيث لا يتمكن المؤلف من الاستمتاع بنجاحه لما تبقى من عمره القصير و هذا ما حصل مع الكاتب سرفانتس الذي عاش 10 سنوات بعد ” دون كيشوت ” و الأمر نفسه حصل مع ماك كاورت و دافويه ، فقط ساراماغو هو الذي عاش ثلاثة عقود بعد روايته “levantado del suelo”

لكن أيضا سيكون هناك أيضا حسنات كثيرة منها اقبال القراء على نتاج الكتاب الذي سبق كتابة رائعتهم، و كذلك اثبات ان الوقت لن يكون أبدا متأخرا و لو أتي في شيخوخة العمر ….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى