أدب وفن

وطن للبيع/ قصة قصيرة/ بقلم الكاتبة رائدة علي أحمد

وطن للبيع (قصة قصيرة)


ثلاثون عاما وريشة الاغتراب ترسم ملامح شخصيتي الاعلامية خارج الألوان، ثلاثون عاما والحلم يكبر مع طفولتي التواقة للعودة الى الوطن. أخيرا تحقق الحلم، وعدت رجلا لمراحل عديدة. وقد ارتدتني الألوان الملائمة لكلّ مرحلة.
عجيب سحر هذه الألوان، مذ وصولي الاراضي اللبنانية جذبتني اليها، فوجدتني ألبّي دعوة صديقي لحضور معرضا لمنتوجات البرلمان اللبناني. قادني فضول ضبابي لمعرفة محتوى ذلك المعرض الغريب. حين وصلت الى الهدف، خلعت الألوان عني، افرغتني من اسمي، ودخلت، يقود خطواتي حلم ذلك الطفل الذي كنته، وحفنة أمنيات. ها هو الفضول يتعرى امام الحقيقة، والعيون تزيل اللبس، وتكشف الخبايا. لا حاجة لها لمساعدين يشرحون المعروض اقرأ، وشاهد، وخمّن واستنتج. هنا فخامة وسعادة ومعالي وسماحة وغبطة للبيع. هنا مدن ساحلية وداخلية للبيع. هنا قرى ودساكر. هنا مجد ونصر ودماء شهداء للبيع، هنا جبال ومزارع وشطآن، هناك مواقف وأفكار وايديولوجيات هنالك سيادة وعدالة وقوانين، هنالك عسكر وجند وشعب هنا بر وبحر وجو، كلها للبيع، سألت صديقي؛ ما هذا الذي ارى؟ وطن للبيع؟
لا عليك، ليس غريبا ما ترى انما الغريب عودتك الى ارض ملعونة يبحث فيها الناس عن وسائل للخلاص.
وحين ضاق المكان بي وامتلأ القلب خوفا، لم استطع صبرا هممت بالخروج فيممت وجهي شطر الباب الخارجي واذا بي ارى لافتة كبيرة على زاوية فارغة مكتوب عليها بالخط العريض نشتري مسروقات وفساد وطوائف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى