لبنان الى اين سياسياً وإقتصادياً على مشارف العام ٢٠٢٣ !؟
(الجزء السادس)
لبنان الى اين سياسياً وإقتصادياً على مشارف العام ٢٠٢٣ !؟
(الجزء السادس)
الخبير الإقتصادي البروفسور إيلي يشوعي: في لبنان رجال مصالح ولا رجال دولة والمطلوب رئيس من خارج الإصطفافات ليكون رئيس مُهمّة وليس رئيس تسويات؟!
حمود:
في ظل إستمرار إنسداد الأفق سياسياً وإقتصادياً خاصةً مع إستمرار الإنقسامات الحادّة وعدم الإتفاق على مخارج لأزمة النظام والتوصّل الى إتفاق بين الأطراف المُتناحرة على الحصص والمكاسب ويُؤدّي الى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية المُتهاوية على كل الصعد، يكون صاحب رؤية إصلاحية انقاذية خاصة في المجال الإقتصادي، وفي ظل إستمرار تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، ووصوله الى مستويات غير مسبوقة في الأيام الأخيرة، حيث وصل الى حوالي ال ٤٦ الف ليرة لبنانية او اكثر، نستكمل اليوم نشر رؤى وآراء الساسة، الحقوقيين، الإعلاميين، الأكاديميين، المفكّرين والخبراء المُخضرمين الذين تواصلنا معهم بهدف إستشراف الآفاق السياسية والإقتصادية للعام ٢٠٢٣.
وننشر اليوم المداخلة القيّمة التي تطرّقت اكثر للجوانب الإقتصادية من الأزمة اللبنانية مع الخبير الإقتصادي والأكاديمي المعروف البروفسور ايلي يشوعي.
والدكتور يشوعي خبير مُخضرم في شؤون الاقتصاد والنقد. له العديد من الدراسات والأبحاث في الشأن الاقتصادي اللبناني. وقد وقف بشكلٍ صلب ضدّ السياسة النقدية المُعتمدة في لبنان منذ التسعينات من القرن الماضي. وعمل في الشأن الاكاديمي كأستاذ وعميد خاصة في جامعة سيدة اللويزة.
وقد اعلن يشوعي ترشيحه لمنصب رئاسة الجمعورية بتاريخ ١٢ تشرين اول ٢٠٢٢، وأعلن في خطاب ترشيحه: ان السلطة في لبنان لم تتغيّر لا بالإنتخاب ولا بالتعيين، ولن تُفلح في أي تغيير أو إصلاح بل انها نجحت في إعادة التاريخ إلى الوراء وإسقاط اللبنانيين في العبودية بعدما حرمتهم كامل حقوقهم، وجعلتهم يشحذون حقوقهم ويستدركون عطف الأقوياء وهي لا تزال تتبادل الخدمات والمصالح بين أعضائها بدل تقديمها إلى اللبنانيين.
واعتبر يومها أن أمامنا إستحقاقاً مصيرياً، إذا نجحنا فيه نجا لبنان، وإذا وقعنا معه في نسج العنكبوت تفكك لبنان.
واضاف: أنا مُستقلّ وانا سيدّ نفسي، وأرفض الإرتهان والتبعية، وأؤمن بالتحالفات الندّية ومُلتزم قضايا لبنان وتاريخي يشهد على ذلك. وقد عارضت تجاوزات الميليشيات وتعدّياتها على الحريات ومُمارساتها الشاذّة خلال حرب 1975- 1990. وعارضت حكومات بعد الطائف خصوصاً حكومة 1993 التي إعتمدت سياسات نقدية ومالية واقتصادية وخدماتية لا يزال معمولاً بها إلى اليوم، أوصلت لبنان إلى إفلاس قطاعيه العام والخاص، وانهيار نظامه المصرفي والمالي العريق.
مُشيراً في تلك المناسبة الى أنه من البديهي ألا يستمر أي رئيس جمهورية جديد مع حكومة جديدة في إدارة الأزمة، ما يعني الاستمرار في إدارة الفقر والبؤس والهجرة القسرية وانحلال مؤسسات الدولة وإداراتها الرسمية. وان على الرئيس الجديد عليه واجب إنقاذ لبنان وإعادة النهوض به وانتشال اللبنانيين من عبوديتهم الجديدة، ومنحهم كامل حقوقهم، وبذل الجهود لإستعادة لبنان عافيته ونموذجه واعتداله وأدواره الريادية وتحصين حدوده الواضحة وحمايتها حماية كاملة.
وأكمل يومها ان نظامنا الاقتصادي حرّ في الدستور، أي إقتصادنا اقتصاد سوق، لكن ادارته السيئة حولته إلى نظام اقتصادي مسخ برؤوس ثلاثة: اقتصاد إحتكاري مُتوحّش، اقتصاد أسود مبني على الريع والسمسرة والغشّ والتهريب والتهرّب الضريبي وتبييض الاموال، واقتصاد مركزي ثبّت سعر الصرف وحدّد نسب الفوائد بمعزل عن العمل الطبيعي لأسواق النقد والقطع، فراكم الديون على القطاع العام وقلّص الإستثمار الخاص وفُرص العمل، وهجّر شباب لبنان، وقضى على النمو الكمّي والتنمية الاجتماعية والانماء الجغرافي المتوازن.
ولكل تلك الأسباب كان من الطبيعي ان نستمع الى آرائه وتقييمه للوضع السياسي والإقتصادي على مشارف العام ٢٠٢٣، بهدف التعرّف اكثر على مواقفه السياسية والإقتصادية، خاصةً وانه كان شاركنا منذ تأسيس الملتقى
بعدّة مؤتمرات وندوات ناقشت سُبل الخروج من الأوضاع الإقتصادية والمالية المزرية التي يتخبّط فيها لبنان منذ بداية الأزمة الخطيرة الحالية، كيفية حماية ما تبقّى من اموال المُودعين، سياسات الدعم الفاشلة التي هدرت اموال طائلة وغيرها من الملفات الإقتصادية الهامّة.
وقد جاءت اجوبته على اسئلتنا كما يلي:
يشوعي:
اعتبر يشوعي في مداخلته ان لبنان لديه رجال مصالح وليس رجال دولة على عكس ما يحصل في الغرب. واذا تمّ إنتخاب رئيس على اساس التسوية اي على اساس رجال المصالح فسيستمر لبنان في الغرق في مستنقع الإنحلال والتفكّك وسيفرغ من ابنائه وسيبقى النازحون واللاجئون.
واعتبر اننا بحاجة لرجال دولة نتيجة للإنهيار الحاصل في السلطات والمؤسسات لإعادة بنائها. وأكد على فصل السلطات والكفّ عن تسييس كل شيء، فالمطلوب رئيس من خارج الأحزاب لأن عامل الثقة يأتي من شخص رئيس الجمهورية الذي يتمثّل به الجميع. وهذا يقتضي رئيس مُهمّة وليس تسوية لحلّ كل مشاكل المجتمع من هجرة ادمغة وطاقات ومن بطالة وفساد وافلاس. ويقتضي أيضاً مُعالجة صورة لبنان في الخارج بعد ان هدرت سياسة الدعم المليارات دون فائدة، وفتح الطريق امام عودتنا الى مصادر التمويل الخارجية لا سيما صندوق النقد وغيره ( رغم التضحيات التي ستُقدّم في هذا المجال!؟) خصوصاً واننا اصبحنا دولة مُفلسة بقطاعيها العامّ والخاص.
اذاً، البداية مع بناء المؤسسات والتعامل مع صندوق النقد الدولي وتطبيق جميع بنود إتفاق الطائف بكافة تفاصيلها، حتى نُحقّق النمو الكمّي والتنمية والإنماء الجغرافي المُتوازن، واللا مركزية المُوسّعة تُحقّق جباية الضريية ( وليس الرسوم فقط).
أما على مستوى النظام المصرفي فالواجب حماية الإقتصاد النقدي بتعزيز عامل الثقة بإحياء القطاع المصرفي ورفع رساميل المصارف بكل طريقة مُمكنة وإحياء الشراكة الإستراتيجية مع القطاعات المُنتجة وليس كما حصل سابقاً. وأكّد يشوعي على ضرورة تطبيق التدقيق الجنائي مع حاكم جديد للمصرف المركزي، صاحب قدرة على الإنقاذ ويتّسم بالشفافية لإعادة الحقوق لأصحابها ولحماية العملة الوطنية.
ختاماً، انهى يشوعي كلامه بضرورة إجراء تلزيمات شفافة لكافة الخدمات والإدارات العامّة والتي فشلت الدولة في ادارتها كما ينبغي من كهرباء وماء ومرافئ وسكك حديد وغيرها؛ عبر الإستعانة بإستشاريين دوليين مع وضع دفاتر شروط دولية تحتفظ بحقوق موظفي القطاع العام، وتوظيف اللبنانيين على اساس الكفاءة للخروج من فشل ادارة الدولة للمرافق العامة.
د طلال حمود-منسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود ورئيس جمعية ودائعنا حقّنا.