أدب وفن

نسمة من كيانه/ قصة قصيرة/ بقلم الشاعر إيلي جبر

نسمةٌ من كيانه
( قصة قصيرة)

هناك ،
خلف الأكمة
تحت الثلج الناصع البياض الذي شاخ على نواصي صنيّن والأزمنة ،
حيث الرماد الأبيض يلهث ضباباً حيّاً يتهادى بروح الماء السائر فينا ظلالاً ظنّت نفسها حوراً فشَكَتِ الحور من خيالاتها .
في تلك الأودية والأمكنة توقف زمان الأمس على حُلُمِ الغد .
في كهفها المنسيِّ دهوراً تنام “نسمة” إبنة إله الريح وسيدة البرق ، صحت بعد ألفٍ ونيّف
لتخرُجَ الى صمتِ صنيّن وبياضه .
نادت على صقرها الأبيض وللحال حضرت سحابةٌ بيضاءُ وعلا حفيفُ أجنحةٍ سامية ونزل الطائرُ الكاسرُ يحطُّ بسلام على يدِ سيدته .
وعندما سمع الثور الابيض نداء “نسمة” خرج من الكهف وفي قرنيه غبارُ الثلج حيث نام لبرهةٍ طويلة ، تذكرت هدية والدها الجرّة الذهبية حيث تنام الزرقة والريح في إشارة من يدها وتتحرر في إيماءةٍ أخرى .
ربضت الكائنات في ذاك الصوبِ في مهاجعها والطيور في مخابئها والإنسان في مضجعه ، وإنتظرت الطبيعة عويلَ الريح ونداء العاصفة كي تُقارعَ الجبال الآمنة والمعتدّة بجبروتها .
نظرتْ “نسمة” الى تلك الأرجاء بعين عشتار فتفجّرت السواقي وسالتِ الأنهارُ وطلعتِ الشمسُ قبلَ بوادرِ الربيع وإنتشر الزَّهرُ رغمَ أنفِ الصقيع وخرج الطيرُ يشدو للربيع .
وفيما إنشغلت الفتاةُ ببهرجة الالوانِ السارحة من ناظريها الى الرُبى سُمع صوتٌ عظيمٌ ينادي : “هذه إبنتي بها سرَّ قلبي” .
هرعت نسمة كي تلقى والدها فإذ بها أمام شيخ مهيب .
بادرها القول كيف حالكِ يا إبنتي ؟
أجابت ومن أنت ايها الجليل الموّقر ؟

-أنا خليل يا ابنتي

-خليل الشاعر؟

-نعم

و للحال تذكرت خليل و ليلها الطويل و أغاني كان الشاعر يتلوها كل يوم في رقاد الفتاة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى