أدب وفنمقالات واقوال مترجمة

مقاربات فلسفية حول الموت و الحياة بعده…

ترجمة و اختيار / سمية تكجي

المصدر / la mente maravillosa

ما هو الموت؟ و لماذا نفكر فيه؟ لماذا من الضرورة معرفة ما بعد الموت ؟ اسئلة كثيرة نطرحها عن هذا الموضوع، و لدى الفلسفة الكثير لتقوله بهذا الخصوص …

ماذا تقول لنا الفلسفة حول الموت ؟


الفلاسفة حين يقاربون للموت، يتناولون الروح ، و قد أشار الفيلسوف نيكوس كوكوسالاكيس في مقالة نشرت في مجلة society ، أن المقاربات الفلسفية تناولت البشر كمخلوقات من جسد و روح ، و الروح في هذا المجال تتخذ بعدا دينيا، و عبرها بإمكان الإنسان الحصول على المعرفة و تحييد نفسه عن الانغماس في الأمور الحياتية التي لا تربحنا اي قيمة روحية.
روح و جسد …الموت في فلسفة بلاتون…
بلاتون كان من الأوائل في التفاعل مع هذا الموضوع
فقد كان يرى أن الإنسان هو جسد و روح و هذه الروح هي إلهية ، خالدة و باقية عبر الزمن
بينما الجسد هو الذي يموت، و هو بمثابة السجن لتلك الروح ، لذلك بالنسبة لبلاتون ،الموت عملية يجري عبرها تحرير الروح من قيود الجسد , و وفقا للمفهوم البلاتوني فإن الموت يجري انكاره ،بحسب مقالة نشرت في مجلة revista de trebal social. و ذلك لأن الجسد هو وحده الذي يتلاشى ، هذا الجسد الذي لا يملك أي قيمة بالنسبة لهذا المفهوم البلاتوني.
بالمقابل فالموت هو حياة بالنسبة للروح ، لأن الموت هو بمثابة وسيلة لسمو الروح و تحررها في حياة أفضل
و من هنا يأتي الدفع نحو الإهتمام بالروح عبر اكتساب المعرفة و الفضائل في الحياة

أرسطو و تصوره ،للجسد ،الروح و المادة


بالنسبة لفلسفة أرسطو فإن الكائنات البشرية تتألف من الجسد ،الروح ،المادة … طبعا كل المخلوقات ،النبات و الحيوانات تمتلك روحا..لكن الروح الإنسانية تتفرد بخصوصية بإضافة الى كون الروح هي المسؤولة عن الشعور فهي ايضا تمتلك وظيفة امتلاك المعرفة و حركة العقل و الأفكار ، و هي تتضمن جانبا مبدعا و شعريا و هذا هو الجزء الأهم للروح و هي بذلك ، عصية على الموت ، هي خالدة و مترفعة عن المادة .
الموت في فلسفة ارسطو هو الموت البيولوجي للجسد ، بينما تنفصل الروح وهي الجزء العقلاني ، لانها كما ذكرنا آنفا ، تمتلك وظيفة الفكر و المعرفة .


سينيكا و مقارباته الفلسفية حول الموت


سينيكا يقول أن الموت هو من الأمور التي ننتظرها بكل حتمية ، لذلك علينا القبول بها بكل طواعية و رضا ، لكي نستمتع بالحياة بدون خوف ، لأننا اذا لم نقلق من مصيرنا الحتمي، سيمكننا عيش الحاضر بكثافة و امتلاء
بالنسبة لسينيكا فإن الموت يكرم الإنسان و يرفده بالقيمة و الكرامة ، لأنه نهاية حياة معاشة. لذلك فإن الإنسان الذي يعيش حياة قاسية و بشروط سيئة، لا يعيش بطواعية، ليس لأنه لا تعجبه الحياة ، بل لأن الحياة المليئة بالصعوبات و المآسي لا تستحق ان تعاش…

ماذا عن سبينوزا و افكاره الفلسفية حول الموت


سبينوزا قال في كتابه الأشهر “la etica”المنشور عام ١٦٧٧ أي العام نفسه الذي توفي فيه : نحن لا نرغب شيئا لأننا حكمنا انه جيد ، بل نحكم على شيء بإنه جيد لأننا رغبنا به “
يمكن تصنيف هذه الحالة التي يشير إليه هذا القول بحالة توازن …ان لا ترفض و أن لا ترغب و اذا كان الموت هنا المقصود فأن لا ترفضه بكل قلق الوجوديين و لا أن ترغب به بكل شغف الصوفيين
برأي سبينوزا ان الناس الأحرار يفكرون بالموت من دون أن يخشونه
لأنهم يحبون الحياة بشكل لامتناهي..
سبينوزا لا يعترف بالخلود …بحسب فلسفته، ليس هنالك سماء و لا جهنم، لا الم و لا خلاص …و ربطا بذاك فلا داعي و لا معنى أن نكرس وقتا أو جهدا لذلك الشيء الغير موجود …

و ماذا بالنسبة لهايدغر و آرائه الفلسفية حول الموت؟
لهايدغر يقول : إن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يعلم مسبقا انه في لحظة ما سوف يموت ،لذلك فهو يعتبر الموت كأمر من صميم الحياة ..
فهو يعتبر اننا تم إلقاءنا في هذه الحياة بهدف الموت، بل ذهب أكثر من ذلك حين قال : لعل الموت هو الشيء الوحيد الأكيد في هذه الحياة ، عندما يأتي الموت فإن مجموعة الوجود تختفي …
لذلك فإن هايدغر يمنح الموت صفة إيجابية، كونه يعتبره أمرا مقبولا
بما معناه: إن الموت ينتمي لنا اذا اعتبرناه كآخر و أعلى حدث في الوجود ..

ماذا عن الحياة بعد الموت؟


هل هناك حياة بعد الموت؟ انه السؤال الأكثر طرحا و جدلا يطرحه كل انسان. ان قلق الناس و انشغالهم بفكرة الموت تجعلهم يقدرون إمكانية الحياة بعد الموت ماذا تقول الفلسفة بهذا الخصوص؟
لأن الإنسان سوف يموت حتما ،فإنه يسعى إلى فكرة الخلود و الحياة بعد الموت …بالنسبة للفلسفة أن الوجود الأبدي هو على علاقة باستمرار الروح و الفكر اللذان يتخطيان حدود الحياة. ما فائدة هذا التفسير ؟ هو يمنحنا عامل قوة يعمل كخط دفاع ضد الخوف و القلق من فكرة الموت
و محاولة البحث عن معنى يساعدنا على تبرير و تحمل هذا الأمر المحتوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى