*سمية تكجي
أكثر من قراءة في رواية و الوقوف عند محاور جدلية بين ثناياها هي ضرورة للإحاطة بالرواية و فهم مرتكزاتها و اهدافها …!!!
فإذا قرانا مثلا الامير الصغير للكاتب Antoine de saint exupéry، قد تبدو للوهلة الأولى للأطفال ، بينما في العودة اليها نكون أمام رواية تحمل الكثير من الفلسفة معاني الوجود و كذلك مع غيرها من الروايات …
قرات روايتك صديقتي الكاتبة عروبة شكر و عدت اليها و الى ابطالها و حواراتها و مقاصدها غير مرة …!!!
العنوان و الغلاف
“عادات غير سرية”
ربما هو عنوان يصفع القارىء …لكن الصفعة احيانا اداة إيقاظ و تحذير
هي عادات غير سرية ، ارادت الكاتبة ان تقول ان العادات البالية و التي تنطوي على الظلم و القهر هي قبيحة ، لكنها تصبح اكثر قبحا عندما نتآلف معها و نتعود عليها… !!! و هذا ينطبق على عائلة البطلة “سمية” منهم جلادون و منهم ضحايا .. لكن الأكثر خيبة هو ان يكون الصمت الجلاد الاكبر ( كما في حالة الام)
الغلاف مثير للفضول
و حبل الغسيل الذي يحمل تلك الملابس البالية المنسية ، التي و كلما توالى عليها الليل و النهار ، كلما أصبحت رثة و قاسية بالإشارة الى العادات …
ثلاثية الشرف ،الحب ،الدين … ثلاثية العيب و الحرام و الممنوع هي قضايا شائكة و على جانب كبير من التعقيد ، نجحت الكاتبة في روايتها إظهار تحريفات مفاهيم المجتمع
بقوة دفع عماده اسلوب سرد شيق، و شخوص تلبستهم الفكرة بل الأفكار التي خدمت اهداف هذه الرواية .
البطلة الرئيسية ،سمية ، الثائرة على السائد من العادات الظالمة للمرأة بشكل خاص ، فقد تكون ثياب الحياة ضيقة على امراة حالمة ،متمردة زادها الحرية …و لكن العادات البالية الظالمة التي تنتهك كرامة المراة و تنظر اليها ككائن ناقص ،لا يكتمل الا من خلال رجل يمارس عليها سلطته الذكورية المطلقة …تلك العادات تضع المرأة بين خيارين لا ثالث لهما ،إما الحرية و إما الموت …!!!
الإنتصار للحرية
نعم الحرية هي الفكرة المحورية في هذه الرواية
و الأفكار فيها اقوى الأبطال …لذلك كانت بعض المشاهد في الرواية تنطوي على جرعة زائدة من القسوة …سواء بالوصف، او العبارات الشعبية المهينة للمرأة …او عند مقاربة الحب لشخصين من دينين مختلفين و كأنه المستحيل …و لكن الرواية لم تخلق لتقول : انا ساكون دائما على ذوقك ايها القارىء… و لن أقول ما يربكك او يزعجك …!!!
الحوار و علم النفس
لا بد من الاشارة الى الحوار بين البطلتين (ربى و سمية ) هذا الحوار الذي فتح مجرى للرواية كي يتدفق معناها و أحداثها ، كما فتح للقارىء باب الولوج العميق نحو المعنى و منحه متعة القراءة.و الأهم من ذلك كرس فكرة مد يد العون للمضطهدين في الارض و تثبيت قيمة انسانية نفسية ان تجد شخصا تلجأ اليه و يكون مستعدا لمساعدتك في أمور يخاف الكثيرون الخوض فيها او التورط في الإنخراط المباشر المسؤول ، و في الرواية هي المرأة بشكل خاص و الإنتصار لحريتها و حقوقها الطبيعية .
الحب المستحيل
عرضت الرواية ايضا مشهدية تستحق التأمل عن الحب المستحيل حين يكون الحبيبان من دينين مختلفين ، في بلد نعيش فيه تأكلنا فيه الطائفية بدل ان تكون طوائفنا مصدر غنى و تنوع و تعدد ثقافات .
مؤسف ان نكون في الالفية الثالثة و ما زال بعض مجتمعنا يمارس الدين في بيوت الله بوجه ، و في بيته بوجه آخر لا يمت للدين بصلة
مؤسف ان المراة ما زال بعض الجهلة ينظر اليها كشرف و جسد و خطيئة …
الانتحار في نهاية الرواية موجع لكنه كرس لفكرة الحرية في اتخاذ قرار الحياة او الموت …!!!
غوته بعد ان كتب رائعته :” عذابات الفتى ويرذر” …التي تبعتها موجة من الانتحارات ، كتب للقراء كن قويا لا تتبع مثال بطلي الذي انتحر
و لكن ارفق مع روايتك عبارة للمرأة : مهما بلغ الشقاء لا تتخذي قرار انهاء حياتك .. انهضي و تابعي و تمردي …!!!
رواية ” عادات غير سرية ” للكاتبة عروبة شكر/ صادرة عن دار ناريمان للنشر.