العرفان والعقل …فمن هو العارف ؟
الدكتور محمد مسلم جمعة
.
االعرفان والعقل
فمن هو العارف ؟
العارف هو من يشعر بغربته في عالم يراه غريبا عنه تماما ،فيتجه إلى تمييز نفسه عن هذا العالم وصولا إلى الإنفصال عنه والقطيعة معه .
من هنا تبدأ رحلة العارف ،وسط ميل جامح يستولي عليه ويشعل شوقه إلى الرحيل عن هذا العالم والتحرر من قبضته وقيوده ،فالرحيل بعيدا عنه ليسترجع كامل حريته ،يعني كامل امتلاكه لنفسه ،هكذا تقترن لدى العارف رغبة جامحة في أن يكون نفسه ،في أن يلتحق بعالم آخر ،عالم متعال عن المكان والزمان ،عالم الحياة الحقيقية ،عالم الطمأنينة والكمال والسعادة ،العالم الذي كان فيه وأخرج منه والذي سيعود إليه ،بل العالم الذي لم يفارقه في الحقيقة لحظة واحدة .
بإختصار ، يعمل العارف طوال مراحل معاناته للموقف العرفاني على أن يكتشف وجوده الحقيقي من خلال رفض الصورة التي تقدمها له عن نفسه وضعيته في العالم الراهن ،إنه يسعى أن يتعرف من جديد على حقيقته وأنيته الأصلية .
إن الموقف العرفاني يتلخص في البحث عن الذات ،عن حقيقتها وجوهرها الإصلي “الأصل”؟
يطرح في الوقت ذاته ثلاثة أسئلة :”من أين أتيت “و “أين أنا الآن “؟و”إلى أين المضي “؟تلك هي المعرفة ،بل العرفان الذي يسعى العارف للحصول عليه وامتلاكه ، من خلال تأمل هذا العالم ،وكيف يمكن أن يجد فيه الجواب وهو عالم غريب بكامله
يسعى العارف إلى توظيف الدين والمعارف الدينية للدفع بالموقف العرفاني إلى أقصى مداه ،إلى طلب الخلود ،إلى الرجوع إلى موطنه الأصلي .
إن الموقف العرفاني هو موقف فردي ذاتي أرستقراطي ليس في متناول العامة من الناس ،بل هو يقتصر على الخاصة وهم من الأخيار .
ان الموقف العرفاني كان دائما يمثل الهروب من الواقع الى عالم العقل المستقيل والمعطل دوره .انها تجربة فردية يعني قضية شخصية يطمح العارف أن يحولها إلى قضية جماعية يحدوه الأمل أن تكون إنسانية وهذا ضرب من الخيال فعوض أن يذوب الفرد في الجماعة ،يطلب العارف من الجماعة أن تذوب في تجربته الفردية .
يلغي العرفان العقل ،ومن حق العقل أن يدافع عن نفسه وليس بالطريقة السحرية التي يلغي بها العرفان العقل ،فالفلسفة هي فعل عقلي وكما قال ديكارت : “أنا أفكر إذا أنا موجود “.
تعتمد الفلسفة التحليل العقلي للكشف عن حقيقة آلية كمنهج معتمد للوصول إلى الحقيقة . يسمح الوقت أن نغوص عميقا في هذه المسألة فوجدت من المفيد أن أكتب عن هذا الأمر .
فمن هو العارف ؟
العارف هو من يشعر بغربته في عالم يراه غريبا عنه تماما ،فيتجه إلى تمييز نفسه عن هذا العالم وصولا إلى الإنفصال عنه والقطيعة معه .
من هنا تبدأ رحلة العارف ،وسط ميل جامح يستولي عليه ويشعل شوقه إلى الرحيل عن هذا العالم والتحرر من قبضته وقيوده ،فالرحيل بعيدا عنه ليسترجع كامل حريته ،يعني كامل امتلاكه لنفسه ،هكذا تقترن لدى العارف رغبة جامحة في أن يكون نفسه ،في أن يلتحق بعالم آخر ،عالم متعال عن المكان والزمان ،عالم الحياة الحقيقية ،عالم الطمأنينة والكمال والسعادة ،العالم الذي كان فيه وأخرج منه والذي سيعود إليه ،بل العالم الذي لم يفارقه في الحقيقة لحظة واحدة .